يستطيع الراغبون في السعادة والساعون من أجلها ، أن يستفيدوا من عوامل عديدة لتعديل ميولهم . من تلك العوامل . العقل : والوجدان ، والتعاليم الدينية . وحيث كنا نتحدث عن الوجدان الأخلاقي ، فيدور بحثنا هنا حول طرق الإِستفادة منه في تعديل الغرائز والرغبات النفسانية .
إن الوجدان الأخلاقي هو الدليل الطاهر والنافذ إلى الواقع المودع في باطن الإِنسان . وهو قوة قاهرة ، يدرك ـ بالفطرة ـ جميع أوجه الخير والشر ، ويهدي إلى الصراط المستقيم ، ويوصلهم إلى دار السعادة والسلام .
قال الإِمام الصادق عليهالسلام لرجل : « إنك قد جعلت طبيب نفسك ، وبُيِّن لك الداء وعرّفت آية الصحة ودللت على الدواء . فانظر كيف قيامك على نفسك » (١) .
فبواسطة الوجدان الأخلاقي والفطرة الإِنسانية يهتدي الإِنسان إلى معرفة أمراض نفسه وعلاجها كالطبيب ، ويستطيع الوصول إلى سلامة روحه .
وفي غريزتي الشهوة والغضب القويتين ، وميل الإِنسان إلى المال والجاه تكمن نقطة إنزلاق البشرية نحو الهاوية ، إن هوى النفس تدفع الإِنسان بأشد ما يمكن من القوة لتنفيذ رغباته ومتطلباته الغريزية ، وألا يجتنب في سبيل الوصول إلى هدفه من كل نشاط هدام ، في حين أن الوصول إلى الهدف يتطلب في بعض الأحيان الإِتيان ببعض الأعمال اللانسانية وإرتكاب الجرائم والجنايات . إن من القوى التي تستطيع التعديل من الغرائز ، وتقدر على وقاية الإِنسان من الإِنحراف والإِنزلاق في الهاوية وحفظ أذيال الفرد من التلوث بالجرائم : قوة الوجدان الأخلاقي . فمن حافظ على هذه الوديعة الإِلٰهية في باطنه وأبقى سراج السعادة مضيئاً ، يستطيع الإِنتفاع من هداية الوجدان ويقي نفسه من كثير من الخيانات والجرائم .
____________________
(١) الكافي للكليني ج ٢ ص ٤٥٤ .