في رحم الحيوان أو الإِنسان فتتحول إلى موجود كامل . . . فذلك كله يسير طبق القوانين والسننن الإِلهية وكلها مظاهر لقضاء الله وقدره . . . إذن فالعالم يسير بموجب القضاء والقدر وكل يجري إلى مصيره المعين له بحسب التقدير الإِلهي .
وأحد الموجودات في هذا العالم هو الإِنسان ، ترتبط كل قواه وأفعاله ، وجميع حركاته وسكناته بالقضاء والقدر الإِلهيين . فدقات القلب ودوران الدم ، والإِحساس في العصب ، والهضم في المعدة ، والتصفية في الكبد ، والأبصار بواسطة العين ، والسماع بواسطة الأذن . . . كل أُولئك يسير حسب قضاء الله وقدره . ولكن النقطة المهمة في البحث هي أن القضاء والقدر ينقسم بالنسبة إلى الإِنسان إلى قسمين : ـ
فقسم منه يتسم بطابع الحتمية والجبرية حيث يجري من غير إرادة الإِنسان واختياره ، وقسم آخر جعله الله تعالى طوع إرادتنا وخاضعاً لاختيارنا .
ولنأخذ مثلاً على ذلك : اللسان ، فهو عضو من أعضائنا وجزء من بدننا وله مقدرات كثيرة ، فأحد تلك المقدرات جريان الدم في عروقه . ومنها أيضاً تكلمه ، أما جريان الدم في عروق اللسان فهو خارج عن إرادتنا وإختيرانا ، فالدم يجري في الأوعية الدموية الموجودة في اللسان سواء شئنا أم أبينا . وهنا ( في دوران الدم في اللسان ) قضاءان : الأول جريان الدم في عروق اللسان بالتقدير الإِلهي . والثاني جبرية هذا الدوران وحتميته في اللسان بالتقدير الإِلهي أيضاً حيث لا مجال لإِرادتنا واختيارنا فيه .
هذا هو أحد المقدرات بالنسبة إلى اللسان ، وقد عرفنا التقدير الإِلهي فيه .
وأما المقدر الآخر فهو صدور التكلم منه . ولكن
الواضح أن التكلم نفسه خاضع لإِرادتنا ، فبإمكاننا أن نتكلم ، وبإمكاننا أن نسكت . كما أننا نستطيع أن نصدق في كلامنا ، ونستطيع أن نكذب . فهنا أيضاً ( في تكلم اللسان )