القبلية بشدة (١) مثلما حارب عبادة الأصنام ، وسعى جاهدا لتوحيد القوميات كلّها تحت راية التوحيد والإسلام ، فنادى بأعلى صوته مرارا بين أصحابه : الناس سواسية كأسنان المشط ، لا فخر لعربي على أعجمي ، ولا لأبيض على أسود ، إلاّ بالتقوى.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أيّها الناس ، ليبلّغ الشاهد الغائب ، إنّ الله تبارك وتعالى قد أذهب عنكم بالإسلام نخوة الجاهلية ، والتفاخر بآبائها وعشائرها.
أيّها الناس! كلّكم لآدم وآدم من تراب ، ألا إنّ خيركم عند الله وأكرمكم عليه ، أتقاكم وأطوعكم له.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم حين فتح مكّة : يا معشر قريش! إنّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعاظمها بالآباء ، الناس من آدم وآدم خلق من تراب ، قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (٢).
فهذا جدّي وهو النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وسيّد بني آدم ، كان يحترم بلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي ويساويهم في المعاملة مع أقرانهم من العرب ، كأبي ذرّ الغفاري والمقداد الكندي وعمّار بن ياسر وغيرهم.
ولكنّ أبا لهب الذي ولد في أشرف بيت من قريش ، وهو عمّ النبي الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم حين كفر بالله العظيم ، تبرّأ منه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) روى أبو داود في سننه : ٢ / ٣٣٢ ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : ليس منّا من دعا إلى عصبية ، وليس منّا من قاتل على عصبية ، وليس منّا من مات على عصبية. «المترجم».
(٢) سورة الحجرات ، الآية ١٣.