وتنجّزه على المكلّف في حكم العقل ، ويقبح من الشارع الإذن في مخالفة القطعيّة ، ومن المكلّف الإقدام عليها ، فيكون قيام الدليل عليه من الشارع بعد قبحه عليه محالا أيضا بالملاحظة المذكورة ، وإن كان بالعرض ؛ لأن تجويز القبيح محال على الحكيم تعالى.
نعم ، لا استحالة في توقّف تعلق التكليف واقعا بالعلم بموضوعه ومتعلّقه في الموضوعات الخارجيّة كتوقّف حرمة الخمر واقعا على العلم بالخمريّة ـ كما نبّهنا عليه في مطاوي كلماتنا ـ لكنه لا تعلّق له بالمقام ؛ لأن كلامنا في الشبهة الحكميّة ، وفي إمكان توقف التكليف على العلم به ، وكونه شرطا فيه هذا كله.
مضافا إلى اقتضاء نفس ما يتوهّم منه الدلالة على الترخيص ورفع التكليف الفعلي في صورة العلم الإجمالي ، من أخبار البراءة لاعتبار العلم الإجمالي وكفايته في رفع البراءة وعدم المعذوريّة منطوقا ومفهوما على ما عرفت الإشارة إليه : من أن الحكم الثابت فيها لموضوع الجهل وعدم العلم رأسا فتدبّر.
نعم ، قد عرفت سابقا إمكان إذن الشارع في ترك بعض المشتبهين الراجع إلى الإذن في ترك الاحتياط الكلّي لكن لا يكفي مجرّد احتماله ، بل يعتبر في رفع موضوع حكم العقل بلزوم الاحتياط القطع بإذن الشارع ، وليس في المقام مما يصلح للدلالة على الإذن باعتراف الخصم ، إلاّ أخبار البراءة وقد عرفت حالها بما لا مزيد عليه ، مع أن إجمالها من جهة ما ذكرنا يمنع عن الاستدلال بها في المقام فلا حاجة إلى إثبات ظهورها في الدلالة على المرام كما لا يخفى.