جهة الشك في المفهوم ، وإن كان له أفراد واضحة ـ كما هو الشأن في غالب المفاهيم العرفيّة ، بل الأمر كذلك فيما حكموا بوضوحه ولم يتعرّضوا له كالماء مثلا ؛ حيث إنه بحدّه وكنهه وحقيقته غير معلوم ، وإن كان له أفراد واضحة ، ومن هنا قد يشك في صدقه على بعض المائعات والموجودات من جهة الشك في حقيقته ومفهومه كما هو ظاهر ـ فلا يجوز قياس المقام به ؛ ضرورة ثبوت الفرق بين المقامين من جهة تبيّن القضيّة الشرعيّة ووصولها إلى المكلف في الشبهة الموضوعية ، فيوهم جريان قاعدة الاشتغال فيها وعدم تبيّنها في الشبهة الحكميّة ، فلا مانع من الرجوع إلى حكم العقل بالبراءة ، ولو بني على القياس والحال هذه ، لجاز القياس بالمسألة الثانية من مسائل الشبهة التحريميّة الحكميّة من غير تكلّف أصلا.
وإن كان من جهة الشك في الأمور الخارجيّة مع تبيّن الخبيث مفهوما ؛ بحيث لم يكن فيه شك أصلا من حيث المفهوم والمراد من اللفظ ، ولم يكن هناك شكّ في حكم شرب التتن مثلا إلاّ من حيث الشكّ في صدق الخبيث عليه من جهة اشتباه الأمور الخارجيّة ، وإن كان في كمال البعد ، فيرجع إلى المقام فلا معنى للتفصيل والقياس ؛ إذ لا فرق بعد رجوع الشكّ في حكم الموضوع إلى الشك فيه من جهة اشتباه الأمور الخارجيّة مع تبيّن القضيّة الشرعيّة موضوعا ومحمولا بين كون الموضوع المردّد أمرا جزئيا حقيقيّا وبين كونه كليّا في نفسه.