البراءة هو تأسيس ما أثبت فيها في جانب المنطوق على تقدير دلالتها على الحكم الظاهري الشرعي ، فليس الغرض منها بيان تعيين هذا على تقدير تسليم دلالة التعليق بالقيد والوصف في نفسه على المفهوم والانتفاء عند الانتفاء وإن نفي السعة في جانب المفهوم عين الضيق ، وإلاّ فللنظر فيما أفاده وجه آخر غير ما ذكرنا.
وثانيا : بأن ما أفاده : من عدم التنافي بين عدم وجوب الشيء في مرحلة الظاهر لنفسه ووجوبه ظاهرا لغيره ومن باب المقدّمة العلميّة كعدم التنافي بين عدم وجوبه واقعا لنفسه ووجوبه واقعا لغيره كما في المقدّمات الوجوديّة للواجبات الشرعيّة وإن كان ممّا لا يعتريه ريب وشكّ ـ وإن كان هناك كلام فيما هو خارج عمّا أفاده من اجتماع الوجوب النفسي والغيري في شيء واحد من جهتين : بأن يجعل الشارع بعض الواجبات النفسيّة مقدّمة لغيره ، كالإسلام الذي هو واجب لنفسه شرط في صحّة العبادات فيصير مطلوبا من حيث ذاته ومن حيث المقدّميّة على وجه يرجع إلى التأكيد ، كاجتماع عنوانين من الوجوب النفسي في شيء واحد لا إلى اجتماع المثلين أو الضدّين والتحقيق في محلّه ـ إلا أنّ ما أفاده من ورود المفهوم بضميمة حكم العقل على المنطوق ممّا لا محصّل له ؛ حيث إن المنطوق على تقدير دلالته على الإذن في نفسه ـ كما هو المفروض في بيان هذا الوجه ـ يرفع موضوع حكم العقل في باب المقدّمة العلميّة هذا.
مع ما في معارضة مفهوم الحديث لمنطوقه مع تفرّعه عليه ما لا يخفى على الفطن ، فلا بدّ من التمسّك بذيل الوجه الأول في كلامه الراجع إلى عدم دلالة أخبار