بالأولويّة القطعيّة الواضحة.
ولكنك خبير بما يتوجّه على الاستدلال بها ، أوّلا ؛ فلما عرفت ـ تبعا لشيخنا والمشهور ـ من عدم وجوب الاحتياط عند الشك في الحكم الشرعي بقول مطلق ، وفي دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر بقسميه ـ كما ستقف على شرح القول فيه ـ فإذا لم يقل بوجوب الاحتياط في المسألة ، فكيف يتعدّى عنها إلى المقام؟ مع أنّ المفهوم بقسميه تابع للمنطوق ، فيكشف ذلك عن كون المراد من الرواية معنى لا يتوجّه عليه محذور أصلا. فلا يقال : إن المسلّم تبعيّة المفهوم للمنطوق في الوجود لا في الاعتبار.
وأمّا ثانيا ؛ فلأن المفروض في الرواية يغاير المقام وخارج عن محل البحث والكلام ، حتى لو أريد منها وجوب الاحتياط عند الشكّ في الحكم مطلقا ولو في الشّكّ في التكليف ؛ حيث إن موردها التمكّن من إزالة الشك بالرجوع إلى ما يوجب العلم بالحكم ، أو الطريق المنصوبة من الشارع للأحكام. ومن الواضح عدم جواز الرجوع إلى البراءة والحال هذه في الشكّ في التكليف ووجوب الاحتياط فيه ؛ لأنه لازم شرطية الفحص للرجوع إلى البراءة في الشبهة الحكميّة هذا.
وقد سلك شيخنا ما سلكناه : من عدم دلالة الصحيحة على حكم المقام وأشباهه في غير موضع من مطاوي كلماته ، فلعلّ التمسّك بها مبنيّ على زعم بعض الأصحاب. وعليه كان الاستدلال بما دلّ على وجوب التوقّف والاحتياط مطلقا ـ من حيث تيقّن إرادة المقام منه ـ أولى ، فتأمل.