قضية اتفاق كلمتهم وبناء العقلاء على عدم قبح ذلك ، بل حسنه ، بل أقول : إذا كان هذا المعنى ثابتا مع الشّكّ ـ على ما يقتضيه اتفاق كلمتهم ـ كان ثبوته مع العلم الإجمالي المفروض في محل البحث أولى كما لا يخفى ، هذا بعض الكلام في عدم مانعيّة الجهل التفصيلي عقلا.
وأمّا عدم مانعيّته شرعا ؛ فلأن ما يتوهّم دلالته عليه ليس إلاّ ما دلّ على البراءة عند الجهل بالحكم ممّا تقدّم ذكره في الشكّ في التكليف ، وقد عرفت مرارا ـ عند التكلّم في حكم الشبهة المحصورة وغيره ـ عدم إمكان شموله لموارد العلم الإجمالي المنجّز للتكليف من حيث كونه إذنا في المعصية عند العقل هذا.
مضافا إلى أن الظاهر منها كون الغاية الرافعة للبراءة وترخيص الشارع العلم بالمعنى الأعمّ من الإجمالي والتفصيلي ، وإلى ما قيل من معارضتها لأخبار الاحتياط التي تكون نصّا في الشكّ في المكلّف به بالبيان الذي تقدّم تفصيل القول فيه ؛ فإن مقتضاها وإن كان وجوب الموافقة القطعيّة وليس محلّ الكلام في المقام ، إلاّ أن التمسّك بها باعتبار الفحوى فتدبر. هذا بعض الكلام في المخالفة القطعيّة.
وأما الموافقة القطعيّة ، فالذي ينبغي القطع به بحيث لا يعتريه ريب أصلا : هو وجوبها على الجاهل في المقام من حيث احتمال العقاب بعد تنجّز الخطاب بالعلم الإجمالي على ما عرفت في ترك كل مشتبه ، فيجب بحكم العقل دفعه. ونتيجة ذلك كما ترى ، وجوب الاحتياط وتحصيل الموافقة القطعيّة.
والحاصل : أنا أسمعناك غير مرّة ثبوت الملازمة بين حرمة المخالفة القطعية