بحسب جميع أطرافه هو وجوب الاحتياط مطلقا من غير فرق في نظر العقل الحاكم بهذه القضيّة بين صور الاشتباه ، غاية ما هناك قيام الإجماع على عدم وجوب الاحتياط الكليّ في الشبهة الغير المحصورة ، والمتبع منه على تقدير تسليم الصدق غير الفرض قطعا ، فيرجع إلى حكم العقل ، بل الظّاهر من كلماتهم في طيّ التمسّك بدليل الانسداد التسالم على كون قضيّة الأصل وجوب الاحتياط في الوقائع المنسد فيها باب العلم ، مع أنها من اشتباه الكثير في الكثير بالضرورة.
ومن هنا تمسّكوا بعدم وجوب الاحتياط الكلّي فيها بالإجماع ، ولزوم الاختلال والحرج ، ولو لا كون مقتضى القاعدة وجوب الاحتياط فيها لما احتاجوا إلى ذلك ، لوضوح عدم وجوب الاحتياط عندهم في الشبهة الغير المحصورة ، فيكفي في نفي وجوب الاحتياط الإشارة إلى الموضوع وكون الشبهة في المقام من الشبهة الغير المحصورة. هذا كله على تقدير التمسّك في المسألة بالإجماع بقسميه.
وأمّا على تقدير التمسّك فيها بالوجه الخامس فلا إشكال أيضا في عدم اقتضائه لعدم وجوب الاحتياط ، بل اقتضاؤه الوجوب في الفرض ، بل قد يقال : إن الأمر على تقدير التمسّك به أوضح منه على تقدير التمسّك بالإجماع ؛ حيث إن الوجه في عدم اعتناء العقلاء بالعلم الإجمالي في الشبهة الغير المحصورة ـ على ما عرفت في طيّ تقرير الوجه الخامس ـ هو ضعف احتمال الحرمة وبعده أو وهنه.
ومن المعلوم ضرورة : أن ضعف احتمال الحرمة في كل مشتبه إنما هو من