الشكّ غير مستقيم مطلقا سواء أريد به استصحاب الحلّيّة الواقعيّة ، أو الظاهريّة ، أو الحرمة الواقعيّة ، أو الظاهريّة ؛ ضرورة عدم حالة سابقة للعدد المردّد أصلا سواء قلنا بكون مقتضى الأصل عند الدوران بين الشبهتين الاحتياط كما عرفت تحقيقه منّا ، أو البراءة كما يقتضيه البناء على الوجه الخامس على ما عرفت ؛ ضرورة كون كل منهما حكما ظاهريّا لنفس العدد المردّد ، لا حكما ثابتا له في السابق يشك في بقائه حتى يتوهّم استصحابه.
وأمّا الحرمة الواقعيّة لما يكون من مصاديق الحرام الواقعي في المحصورة وغيره كالحلّيّة الواقعيّة لما يكون من مصاديق الحلال الواقعي فممّا لا شكّ فيه أصلا حتى يجري فيه الاستصحاب ؛ لأن احتمال عدم الحصر ليس معناه ارتفاع الحرمة الواقعية احتمالا ، كما أن احتمال الحصر ليس معناه ارتفاع الحليّة الواقعيّة عن الحلال الواقعي ، وإلاّ لم يكن معنى للشبهة كما هو ظاهر هذا.
فإن شئت قلت : مفروض البحث الشبهة المردّدة بين المحصورة وغيرها مع العلم بحكم الشبهتين بحسب الواقع والظاهر ، ومن المعلوم عدم الجدوى لهذا العلم بالحكم بالنسبة إلى الموضوع المردّد ، ولا في جريان الاستصحاب بالنسبة إليه.
كما أن العلم بحكم البول والماء لا ينفع في العلم بحكم الموضوع المردّد بينهما ولا في استصحابه.
فإن قلت : إنا نفرض عددا يعلم بكونه محصورا أو غير محصور ، ثم يزيد عليه في الأوّل بما يوجب الشّك في الصّدق ، أو ينقض عن الثاني بما يوجب الشكّ والتردّد ، فيستصحب في الأوّل وجوب الاجتناب والحرمة الظاهريّة وفي الثاني