السمّ (١) والقذف والإخبار بالموت ونظائرها ؛ فإنك لا ترتاب في الحكم بعدم الاعتناء مع عدم حصر الشبهة.
ومن هنا ذكروا في باب الغيبة : بأن ذكر بعض أهل بلد بهذا العنوان الغير المعيّن بما فيه من السّوء لا يكون غيبة ، بخلاف ذكر غالب أهل البلد بالسوء. فإذا لم يحكم العقل بوجوب دفع الضّرر مع عدم حصر الشبهة فيكون العقاب بارتكاب بعض المحتملات مع مصادفة الواقع وتحقّق المخالفة في نفس الأمر عقابا من دون بيان من جانب الشرع والعقل ، فيكون قبيحا كارتكاب الشبهة البدويّة وهذا معنى
__________________
(١) قال المحقق النحرير آغا ضياء العراقي قدسسره :
« ما أفيد من عدم إعتناء العقلاء بالضّرر مع كثرة الأطراف يتم في مثل المضارّ الدنيويّة وذلك أيضا فيما يجوز توطين النفس على تحمّلها لبعض الأغراض ، لا ما يكون مورد الإهتمام التام عندهم كالمضارّ النفسيّة وإلاّ ففيها يمنع إقدامهم على الإرتكاب بمحض كثرة الأطراف لو علم بوجود سمّ قاتل في كأس مردد بين ألف من [ ال ] كؤوس أو أزيد يرى انه لا يقدم أحد على ارتكاب شيء من تلك الكؤوس وإن بلغت الأطراف في الكثرة ما بلغت ، لا في المضارّ الأخرويّة التي يستقل العقل فيها بلزوم التحرّز عنها ولو موهوما ؛ فإن في مثله لا بد في تجويز العقل للإرتكاب من وجود مومّن يوجب القطع بعدم العقوبة على ارتكابه ولو بإخراجه عن دائرة المفرغ بجعل ما هو المفرغ غيره من الأطراف الأخر ، وإلاّ فبدونه لا بدّ من الإحتياط بالإجتناب عن كلّ ما يحتمل انطباق المعلوم بالإجمال عليه ولو موهوما ؛ نظرا إلى مساوقة الإحتمال المزبور لاحتمال الضّرر والعقوبة المحكوم بحكم العقل بوجوب دفعه والتحرّز عنه » إنتهى. أنظر نهاية الأفكار : ج ٣ / ٣٢٩.