أقول : لا سترة فيما أفاده ، ومن هنا ادّعى وضوحه ؛ لأن توقّف شيء على غيره يستلزم توقّفه على ما يتوقّف عليه ذلك الغير ؛ ضرورة امتناع وجود الغير بدون ما يتوقّف عليه ، وإلاّ لزم الخلف فيمتنع وجود ما يتوقّف على الغير أيضا ؛ لفرض توقّفه عليه ، فمقدّمة مقدّمة الشيء مقدّمة لنفس ذلك الشيء ، فالعلم الذي يتوقّف تحصيله على الاجتناب عن المشتبهين يتوقّف لا محالة على ما يتوقّف عليه تحصيل العلم باجتناب أحد المشتبهين ، فيجب الاجتناب عنه أيضا.
__________________
بها لوازم المخبر به الشرعيّة لا غيرهما فنقول فيما نحن فيه :
إنّ البيّنة لم تشهد إلاّ على طهارة ذلك الإناء المعيّن وليس نجاسة الإناء الآخر لازما عرفيا للمشهور به قطعا.
إذ قد يكون الشاهد جاهلا بحال الإناء الآخر وبحال علم من علم إجمالا بنجاسة أحدهما ويقول : إني لا أعلم سوى أن هذا الإناء طاهر.
نعم يلزم من طهارة ما شهدت البيّنة بطهارته واقعا بضميمة العلم الإجمالي بنجاسة أحدهما كون الآخر نجسا ولا وجه لحجّيّة هذا اللازم فيلتزم بالتفكيك بينهما ظاهرا كما يقال بالتفكيك بين اللازم والملزوم في مجاري الأصول بناء على القول بعدم حجّيّة الأصول المثبتة كما هو كذلك عند المشهور والمصنف.
نعم ، تثبت اللوازم الشرعيّة الثابتة للمشهود به كما يحكم في مثل ما نحن فيه بجواز الوضوء والغسل والشرب ونحوها من الإناء المشهود بطهارته لتحقق موضوع هذه الأحكام شرعا فتدبر » إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ج ٢ / ٣٢٣.