وأمّا إذا تبيّن المفهوم وشكّ في الإرادة من جهة أخرى ، ولم يوجد هناك شرائط التمسّك بالإطلاق كما فيما ذكره من مثال الخمر من باب مجرّد الفرض فأقلّ قليل.
وممّا ذكرنا كلّه يظهر : أنه لا تعلّق للمسألة بالشبهة الموضوعيّة العرفيّة التي تسمّى بالشبهة في طريق الحكم عند الأخباريّين (١) ، وقد وافقوا المجتهدين في
__________________
(١) قال المحقق الخراساني قدسسره :
« المراد بالشبهة في طريق الحكم هي الشبهة الموضوعيّة فلا يجب فيها الإحتياط ولو على مذهب الأخباريّين. ومنشأ التوهّم : أنّ منشأ الإشتباه فيها إنما هو عدم المعرفة بالوضع فيرتفع بالرجوع إلى العارف به وليس من شأن الشارع رفعه كما هو شأن جميع الشبهات الموضوعيّة.
وأمّا وجه الفساد : هو أنّ الملاك في الشبهة الحكميّة أن يكون الشك في مراد الشارع ولا ريب أن الشك ها هنا فيه وإن كان منشاؤه عدم المعرفة بالوضع ، ولا شبهة في انّ شأنه رفعه وتعيينه وإن كان قد يرتفع بالرّجوع إلى غيره من العارف بالوضع أو علائمه أيضا.
وبإزاء هذا التوهّم ، توهّم النّص ، فالإحتياط لازم ها هنا ولو على مذهب المجتهدين القائلين بالبراءة في تلك المسألة ، وهو أيضا فاسد ؛ فإن التكليف إنّما هو ثابت بالنسبة إلى ما كان الخطاب بيانا له وهو القدر المتيقّن منه. وأمّا بالنسبة إلى غيره فالتكليف بعد غير منجّز وإلاّ لزم العقاب بلا بيان والمؤاخذة بلا برهان كما في صورة فقد النص بلا تفاوت أصلا كما لا يخفى (١) ».