جميع المقدّمات الوجوديّة شرط ومقدّمة للوجوب ، فإذا شكّ في إطلاقها واختصاصها بحال القدرة فلا محالة يشكّ في وجوب ذيها ، فيرجع إلى أصالة البراءة. وهذا مع وضوحه قد حقق في بحث وجوب المقدّمة.
ثمّ إنه لا فرق فيما ذكرنا من قضيّة الأصل الأوّلي بين صور الشكّ المتصوّرة ومواردها مع عدم وجود ما يكون واردا أو حاكما عليه هناك من الأصل اللفظي ، أو دليل آخر سواء كان الشكّ في أصل الاشتراط والإطلاق ، أو كان الشكّ في وجود الشرط وما قيّد به المكلف يقينا ، أو كون الموجود والمتحقّق من أفراده ومصاديقه من غير فرق بين استناد الشكّ والتردّد إلى الشبهة الحكميّة المستقلّة ، أو المستندة إلى الشبهة المفهوميّة ، أو الموضوعيّة المستنبطة ، واستناده إلى الشبهة الموضوعيّة الخارجيّة الصرفة لما قد عرفت : من جريان البراءة في جميع صور الشكّ في التكليف من غير فرق بين الشبهة الحكميّة والموضوعيّة والوجوبية والتحريميّة.
وإلى ما ذكرنا من مقتضى الأصل الأولي أشار قدسسره بقوله : « نعم ، يمكن أن يقال عند الشكّ في حسن التكليف التنجيزي عرفا بالاجتناب » (١) إلى آخر ما أفاده في بيان قضيّة الأصل. هذا بعض الكلام في الموضع الأول.
وأمّا الموضع الثاني : وهو تحقيق الأصل اللفظي فيما ثبت الوجوب أو
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٢٣٧.