العقلي الإرشادي ؛ فإنه غير منكر في المقام ولم يتوهم أحد منعه ؛ لما قد عرفت : من ترتب آثار الواقع على مخالفة الحكم العقلي الإرشادي جدّا ، وإلاّ كان لغوا ، فكونه بيانا بالنسبة إلى الواقع المحتمل مما لا بدّ منه وليس محلاّ للإنكار ، فإذا خالف حكم العقل في المقام وكان ما ارتكبه من بعض أطراف الشبهة حراما في الواقع يترتب عليه استحقاق العقوبة على مخالفته بالنسبة إلى الواقع ، فلو انكشف حرمته لغيره وكان المرتكب العالم إجمالا جاهلا ، حكم باستحقاقه العقوبة على فعله وإن لم يحكم بذلك من حيث جهله.
وفي المسألة المفروضة لمّا كان أصل المطلب ثابتا واقعا وفي نفس الأمر ، فإن قلنا بحكومة العقل في المسألة كما عليه العدلية ، صحّ عقاب تارك الشكر لإتمام الحجّة عليه ؛ من جهة دلالة عقله على ذلك. وإن لم نقل بحكومته كما عليه الأشاعرة ، لم يجز للشارع مؤاخذته على ترك الشكر فهذه ثمرة حكومة العقل في مقابل عدمها. وأين هذا ممّا ذكرنا؟
ونظيره ما قيل في مسألة وجوب النظر في معجزة من يدّعي النبوّة مع ثبوتها في نفس الأمر ؛ فإن ثمرة حكومة العقل بوجوبه ـ من جهة حكمه إرشادا بوجوب دفع الضرر المحتمل ـ استحقاق عقاب تارك النظر مع بلوغ دعوة النبيّ إليه واحتمال صدقه في دعوته من حيث تمامية الحجة في حقه ، وهكذا الأمر في الحكم باستحقاق مطلق الجاهل المقصّر في الفحص عن الواقع الثابت في نفس الأمر بعد البناء على إلزام العقل الفحص عليه.