لأن المفروض أن مخالفة الأمر الظاهري علّة لاستحقاق العقاب ، ومخالفة الأمر الواقعي أيضا علّة لاستحقاق العقاب ، فهما عنوانان لا دخل لأحدهما بالآخر.
والقول : بأن مرتكب المشتبهين قد خالف أمرين أمرا واقعيّا متعلّقا بالواقع وأمرا ظاهريّا متعلّقا بالمشتبهين لا ثلاثة أوامر ممّا لا يخفى فساده.
ضرورة انّ كل واحد من المشتبهين متعلّق بوجوب ظاهري لا دخل له بالوجوب المتعلق بالآخر وإن كان حاصلا بأمر واحد ، وإن هو إلاّ كالأمر المتعلّق بالعام الأصولي ينحل إلى أوامر متعدّدة بعدد أفراد العام ، بل اللازم على هذا القول ـ بناء على ثبوت العقاب على التجرّي ـ القول بضعف العقاب الذي ذكرنا وإن لم يلتزم القائل به على ما عرفت الكلام فيه في محلّه.
ضرورة تعدّد التجرّي بمخالفة الأوامر الواقعي والظاهري فيلزم أن يضاعف الاستحقاق ؛ لأن المفروض أن التجرّي على مذهب قائله عنوان مورث لاستحقاق العقاب مستقلاّ ، ولذا أورد الأستاذ العلامة عليه ـ فيما عرفته في مسألة « التجرّي » حيث ذهب إلى تداخل العقابين عند مصادفة التجرّي للحرام الواقعي ـ : بأنه لا معنى لتداخل العقابين إن أريد وحدة العقاب بعد فرض كون كل من العنوانين علة للعقاب ، كما نقول ـ على القول بتأثير الحكم الظاهري في استحقاق العقاب ـ : أنه لا معنى لوحدة العقاب في صورة مصادفة ارتكاب المشتبه للحرام الواقعي بعد فرض كون كل من مخالفة الحكم الواقعي والظاهري علة تامّة لاستحقاق العقاب ، وإلاّ لم يقتض مخالفة الأمر الظاهري لاستحقاق العقاب عند عدم المصادفة أيضا.