والقول : بأنّ الرّواية مسوقة لبيان جواز التصرّف التقلّبي لا الحبسي ، وإن كان هو من لوازم الأوّل ، ممّا لا يصغى إليه قطعا. فعلى هذا لا وجه لمنع ظهور الرواية في جواز التصرّف في الجميع ، فحينئذ ننقل الكلام فيما ذكره المستدل ـ على تقدير تسليم ظهور الرواية في جواز التصرّف في الجميع من حمله على إرادة التصرّف في البعض ، جمعا بينه وبين ما دلّ على عدم جواز الإذن من الشارع في المعصية ـ ونقول : إن وجه الجمع غير منحصر فيما ذكره المستدل ، مع استلزامه للتصرّف في ظاهر الخبر.
لأن هنا وجه آخر يمكن التوفيق بينهما بسببه ، وهو : أن يحمل الحرام المجهول في الفرض على ما يعذر الجاهل فيه كالرّبا (١) بناء على ما يستفاد من
__________________
(١) قال السيّد الفقيه عبد الحسين اللاّري قدسسره :
« أقول : ولحمل الحرام في الرواية المفروضة على حرام خاص يعذر فيه الجاهل محملان آخران غير الرّبا ، بل أقربان منه جدّا :
أحدهما : حمل الحرام المختلط بالحلال فيه على الحرام الضالّ عن صاحبه كاللقطة أو الضالّ عنه صاحبه كالمجهول المالك ، فيكون نفي البأس عن أخذه من جهة تصدّق الآخذ به عن صاحبه ، أو إحتسابه على نفس الآخذ صدقة من جهة فقره.
ثانيهما : حمل اختلاط الحرام على اختلاطه عند العامل المأخوذ منه لا اختلاطه عند الآخذ ، فيكون نفي البأس عن أخذه للآخذ من جهة خروج أحد طرفي الشبهة عن تحت ابتلاء الآخذ ، أو من جهة كون الشيء مأخوذا من يد المسلم ومتفرّعا على تصرّفه المحمول على الصحّة عند