كان هناك تأمّل في جريان فحوى أخبار التخيير في المقام ، إلاّ أنّك قد عرفت : أن المستند عندنا في الشبهة الحكميّة حكم العقل بالتخيير لا الأخبار وأما لو فرض وحدة الواقعة فلا إشكال في جواز الرجوع إلى أصالة البراءة من حيث عدم لزوم محذور منه أصلا هذا.
وصريح شيخنا في المقام الحكم بالتوقّف وعدم الالتزام بأحد الاحتمالين في مرحلة الظاهر ، بل صريحه كون المختار عنده في الشبهة الحكمية أيضا ذلك ، غاية ما هناك : كون الشبهة الموضوعية أولى بالتوقّف من الشبهة الحكميّة ؛ من حيث عدم لزوم اطّراح قول الإمام فيها أصلا ، وليس فيها أيضا مخالفة عمليّة معلومة ولو إجمالا ، مع أنّ مخالفة المعلوم إجمالا في العمل فوق حد الإحصاء في الشبهات الموضوعيّة. هذا ما أفاده قدسسره.
والمراد مما أفاده بقوله : « مع أن مخالفة المعلوم إجمالا ... الى آخره » (١) وقوع ذلك كثيرا في الشبهات الموضوعيّة في ابتداء النظر ، وإلاّ فقد وجّه ما يتراءى منه ذلك في أوّل « الكتاب » وصرّح بقبح ذلك في مواضع من كلماته ، هذا بعض الكلام فيما يتعلّق بالمقام وقد مضى شطر منه في الجزء الأوّل من التعليقة عند الكلام في فروع العلم فراجع إليه.
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ١٩٤.