ومبنى الاستدلال به على كون الحرمة مسبّبة عن المفسدة الملزمة في الفعل ، والوجوب مسبّبا عن المصلحة فيه من دون أن يكون مفسدة في تركه.
واستشهد للكليّة المذكورة بما ورد في غير واحد من الأخبار عن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه وعلى أولاده الطاهرين المعصومين ) : من أن « اجتناب السيّئات أولى من اكتساب الحسنات » (١).
وفيه أيضا : ما لا يخفى ؛ لأنه بعد تسليم كون دفع كل ضرر أولى من جلب كل منفعة عند العقلاء ، أن فوت المصلحة الملزمة عن المكلّف ضرر أيضا ، وإلاّ لم يقتض الإلزام على المكلّف كما لا يخفى.
وأمّا الاستشهاد بما عرفت من الأخبار فهو في غير محلّه ؛ ضرورة كون ترك الواجب سيّئة ، كيف! وقد عدّ ترك الصلاة من أكبر الكبائر ويتلوه ترك الزكاة ، فالمراد من الحسنة ما لا يكون في تركها عصيان. وبالجملة : الأخبار المذكورة لا تعلّق لها بالمقام أصلا.
الرّابع : أن اقتضاء الحرمة إلى مقصودها أتمّ من حيث إن الترك يجامع كل فعل ، مضافا إلى حصوله مع الغفلة فيما لم يكن الحرام على تقدير ثبوته تعبّديّا كما
__________________
مستند إلى ثبوت البدل له ؛ ضرورة انّ مقتضى العلم الإجمالي عدم صحّة الوضوء وإن لم يكن له بدل » إنتهى. أنظر محجّة العلماء : ج ٢ / ٣٢.
(١) غرر الحكم : ٨١ ـ الفصل الأوّل ، الحكمة : ١٥٥٩.