ومن جهة بعض الأخبار الظاهرة في أن مطلوبية الاحتياط من جهة خاصية مترتّبة على ذاته ، وهي صيرورة نفس المكلّف أطوع للشارع ، لا أن يكون من جهة مجرّد كونه عنوانا في غيره ومقدّمة له ، ومن أن الظاهر من أكثر الأخبار الواردة في باب الاحتياط بعد التأمّل فيها ، كون الأمر به من جهة كونه عنوانا في غيره ومقدمة له ، فيكون مؤكّدة للطّلب العقلي لا أن يكون الغرض منه التأسيس ، فيكون حاله حال الأمر المتعلّق بالإطاعة كتابا وسنّة من حيث كونه مؤكّدا لحكم العقل بالإطاعة ، وكالأمر المتعلق بالإشهاد ، والكتابة ، والتّوبة ، وغيرها من الأوامر الشرعيّة التي يعلم كون المقصود منها التّوصّل إلى ما يترتّب على فعل المأمور به بحيث لا يكون الأمر في مقام المولويّة أصلا في أمره.
ألا ترى إلى قوله عليهالسلام : « من ارتكب الشبهات وقع في المحرّمات وهلك من حيث لا يعلم » (١)؟
حيث إنّ الظاهر منه كون طلب ترك الارتكاب من حيث كونه في معرض الهلاكة ، وأن الغرض منه مجرّد النجاة عن ذلك ، وعليه يترتّب على فعل الاحتياط ثوابان على تقدير موافقته للواقع ؛ من حيث إطاعة الخطاب الواقعي وإدراك حسنه العقلي لو كان حسنه راجعا إلى الفعل ، وإلا فثواب واحد. وعلى الوجه الأول يترتّب عليه استحقاق الثواب زائدا على الثوابين ؛ بملاحظة إطاعة الأمر المتعلّق
__________________
(١) مضى تخريجه.