__________________
باختلاف كون المعلوم جنسا أو نوعا فحيث ارتفع الجهل وتبدّل بالعلم زال العذر ، وهو السرّ في وجوب الإحتياط في الشبهة المحصورة ، وكون المعلوم جنسا لا يزيل أثر العلم ، هذا حكم العلم في مرحلة العمل فتحرم المخالفة القطعيّة.
وأمّا في مرحلة الفتوى فلا يجوز الإفتاء بالإباحة ، لأنه بدعة بل تكذيب للشارع لعلمه بأن الواقعة في دين الله حكمها غير الإباحة وأن الشارع ألزم إمّا بالفعل وإمّا بالترك وحيث خلط بعضهم بين المقام وبين تعارض النّصّين أوجب الإلتزام بأحد الحكمين على وجه التخيير وزعم أن التديّن باحدهما واجب وظهر بما حققناه ضعفه.
وحيث خفي هذا المعنى على الأستاذ اضطربت كلماته في مبحث القطع وفي المقام.
قال قدسسره : ( اما دعوى وجوب الإلتزام بحكم الله تعالى لعموم دليل وجوب الإنقياد ... إلى قوله قدسسره ( لا من حيث التديّن به ) فرائد : ج ٢ / ١٨٠.
وفيه : ان المراد ليس شيء ممّا زعمه فإنّ الإلتزام في الخبرين ليس إلاّ الأخذ من باب التسليم الذي أمروا به ، وهذا المتوهّم إنّما توهّم اشتراك القسمين في الحكم غفلة عن ان التخيير إنّما هو في المسألة الأصوليّة بذلك المعنى ومرجعه إلى رجوع أمر تعيين الحجّة إلى الشخص في مقام الحيرة كما في تقلييد المتساويين.
وما زعمه : من انّ الإباحة ليست معلومة المخالفة إلاّ من حيث الإلتزام ، فهو من عجائب الأوهام فإن المخالفة القطعيّة اللاّزمة لجواز كلّ من الفعل والترك ابتداء مخالفة عمليّة بالضّرورة مع أنّ الإفتاء بها تكذيب للشارع وأيّ عمل أعظم من التعمّد في الحكم بما علم أنّ الشارع لم يحكم به بل حكم بخلافه.