بالطّبيعة الكلّيّة وليس وجوبه عين تعلّق الطلب بها وإن كان حاصلا منه فيرجع إليه بعد سقوط الأصل في الشكّ السببي لمكان التعارض أو عدم جريانه لمكان العلم الإجمالي لما ستقف عليه في محله : من عدم كون الأصل في الشك المسبّب في مرتبة الأصل في الشكّ السبب.
ولكنّه محلّ مناقشة : من حيث إن تعلّق الطّلب بالطبيعة الكلّيّة عين تعلّقه بالأفراد ذاتا حقيقة وإن افترقا بالإجمال والتفصيل وبحسب العنوان فليست هنا إرادتان يتبع إحداهما الأخرى على وجه العلّيّة والمعلوليّة ، فمعنى أصالة عدم وجوب الفرد حقيقة ، أصالة عدم تعلّق الأمر بالطبيعة الكليّة فافهم.
ثمّ إن ما ذكرنا من جواز الرجوع إلى الأصل في الفرض على ما عرفت الإشارة إليه إنما هو فيما ترتب أثر شرعي على مورده ومجراه من دون واسطة ، كما أن الحكم بالتعارض أيضا مبني على ذلك ، وإلاّ لم يكن معنى لحكم الشارع بنفي الوجوب في مرحلة الظاهر كما هو ظاهر.
والقول : بأن اعتبار ذلك في جريان الاستصحاب إنّما هو في الاستصحاب الجاري في الموضوع لا في الحكم ، فإنه يترتّب عليه جميع ما لا ينفك من المستصحب من اللوازم مطلقا ـ كما ستقف عليه في باب الاستصحاب ـ فاسد جدّا ؛
لأنّ الحكم الشرعي إنّما هو الوجوب ، وأمّا عدمه فليس حكما وإلاّ كانت الأحكام عشرة لا خمسة على ما نبّهنا عليك في مطاوي ما قدّمناه لك هذا.