أما الفرض الأوّل (١) : فقد استشكل شيخنا قدسسره في « الكتاب » في جريان الأصل فيه ؛ نظرا إلى ما عرفت وإليه يرجع ما أفاده في وجهه ـ بقوله : « إذ ليس هنا إلاّ وجوب واحد » (٢)(٣) ـ : من أن متعلّق التكليف حقيقة مردّد بين الكلّي بما هو
__________________
(١) قال سيّد العروة قدسسره :
( توضيحه : أنه في هذا الفرض أصل الوجوب ثابت بالعلم وإنّما الشك في متعلّقه وأنه الكلي الشامل للمعيّن وغيره ، أو خصوص الفرد المعيّن ، فأصالة عدم وجوب غير المعيّن مرجعها إلى أصالة عدم تعلّق الوجوب بالكلي ، وهي معارضة بأصالة عدم تعلّقه بالمعيّن.
مثلا : علمنا إجمالا بوجوب العتق وشككنا في تعلّقه بمطلق الرّقبة أو خصوص المؤمنة ، فأصالة عدم وجوب عتق الكافرة التي مرجعها إلى أصالة عدم تعلّق الوجوب بعتق مطلق الرقبة معارضة بأصالة عدم تعلّقه بعتق خصوص المؤمنة فلا أصل هذا.
ولكن التحقيق جريان أصل عدم وجوب عتق الكافرة بتقريب آخر :
وهو أن يقال : إنا نعلم في المثال بوجوب عتق المؤمنة في الجملة إمّا عينا وإمّا لكونها فردا للمطلق ؛ فإنّ الوجوب العارض للطبيعة عارض لأفرادها بالعرض لسريان الكلي في أفراده ، وأما وجوب عتق الكافرة فمشكوك فيستصحب عدمه ، ولا يقدح فيه كون شكّه ناشئا عن الشك في تعلّق الوجوب بالمطلق ، ولا يجري الأصل في الشك السببي لمكان معارضته بأصل عدم تعلّق الوجوب بالمقيّد ، وذلك لما تقرّر عند المصنّف وغيره في محله : من أنه لو لم يجر الأصل بالنسبة إلى الشك في السبب لا مانع من جريان الأصل في الشك في المسبب ، نعم لو جرى الأصل بالنسبة إلى السبب لم يبق محلّ لجريان الأصل في المسبّب على ما بيّن في محله ) إنتهى. أنظر حاشية الفرائد : ج ٢ / ٢٠٧.
(٢) فرائد الأصول : ج ٢ / ١٥٩.