القرب بحيث لا يجوز من البعد فلا يجوز ؛ لأن الثابت من الرواية استحباب حضور هذا المكان لا كون الشخص مدفونا فيه ، وكذا يستحبّ الصّلاة في المكان الذي يقال له المسجد ، ولا يجب إزالة النجاسة عنه ، ولا يجوز الاعتكاف فيه إلى غير ذلك ممّا هو واضح » (١). انتهى كلامه رفع مقامه.
الثامن : لا إشكال في اختصاص الأخبار وكلمات المشهور بالتسامح من حيث سند الأخبار ، وأمّا التسامح من حيث الدلالة ؛ بأن يكون هناك خبر صحيح السند مجمل يحتمل إرادة الاستحباب منه ، فلا يستفاد منها قطعا ، وإن حكي عن بعض المتأخرين (٢) القول به فلعلّه تخيّل كون المستند في التسامح قاعدة الاحتياط على ما يستفاد من كلام غير واحد حسبما عرفت ، وعليه : وإن لم يكن إشكال في جريان التسامح بحسب الدلالة الضعيفة أيضا ، إلاّ أنّك قد أسمعناك فيما تقدم : أن الدائرة ـ على تقدير الاستناد فيها إلى القاعدة ـ أوسع مما ذكره بمراتب.
التاسع : ذكر غير واحد أنه كما يتسامح في السنن يتسامح في القصص والمواعظ والفضائل ، بل استظهر ممّا عرفت عن الشهيد قدسسره في « الذكرى » : أن أخبار الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم ، كونه مسلّما عند القائلين بالتسامح.
وعن ثاني الشهيدين قدسسرهما في « الدّراية » التصريح به حيث قال : « جوّز الأكثر
__________________
(١) رسالة في قاعدة التسامح في أدلة السنن : ١٧٢.
(٢) ذكر الشيخ الأعظم في رسالته المزبورة بانه من المعاصرين : ١٧٠.