والثاني : لا يتوقّف على حجيّته لكونه سببا له بحكم الوجدان.
فهذا نظير أن يقال : إذا اختلف الأقوال في المسألة فافعل كذا ؛ فإن سببيّة كل قول لحدوث الاختلاف لا يتوقّف على حجيّته وهكذا. وهذا نظير يد المسلم والجهل بالطهارة في كلماتهم ؛ فإن الدليل على الملكيّة حقيقة ما دلّ على ملكيّة ما في يد المسلم وطهارة المجهول لا نفس اليد الجهل حقيقة. والأولى جعل النظير ما دلّ على وجوب الاحتياط في موارده ، والأخبار الدالة على حرمة نقض اليقين بالشكّ في الشبهات الحكميّة ؛ فإن الشكّ في المكلّف به وسبق اليقين ليسا دليلا على الحكم الظاهري حقيقة وإنما هما من قبيل الموضوع له ، فكذا المقام فتدبّر. هذا ملخّص ما يقال في تقريب الجواب الثالث.
وأورد عليه شيخنا قدسسره بوجوه :
أحدها : كونه خلاف ظاهر كلمة القائلين بالتسامح ؛ فإن ظاهرها ـ كما لا يخفى لمن راجع إليها ـ جعل خبر الضعيف حجّة في السنن والاستدلال لها به وجعل الأخبار المذكورة دليلا على حجيّة خبر الضعيف ، ومن هنا ذكروا : أنه يتسامح في أدلّة السنن والفضائل.
ثانيها : أن ما ذكروه يرجع عند التأمّل إلى التمسّك بالخبر الضعيف في باب السنن وجعله حجّة فيه ؛ إذ لا فرق بين أن يقال : كل فعل دلّ خبر ضعيف على استحبابه فهو مستحبّ. وبين أن يقال : كل خبر ضعيف حجّة في إثبات الاستحباب ؛ فإن معنى حجيّة الشيء في الأدلّة الظنّيّة جعله موضوعا للحكم