ومناط هذا الوجه وإن لم ينفكّ عن الوجه الأول ؛ حيث إنّ جميع موارد الاحتياط لا ينفكّ عن احتمال الحكم الإلزامي الواقعي في محل البحث ، إلاّ أنّ الحيثيّة مختلفة.
بل التحقيق : أنّ الوجهين مختلفان من حيث الذات من غير أن يجتمعا مصداقا أصلا ، وإن كان في مورد وجود الاحتياط احتمال الأمر موجودا دائما فليس الاختلاف بينهما بمجرّد الحيثيّة فتدبّر.
ثمّ إن كلامه قدسسره في بيان وجه الجريان من حيث الاستناد إلى الوجه الأول ، أو الثاني ، أو هما معا ، لا يخلو عن تشويش ، وقد يستفاد منه اتحادهما ، وإن كان الظاهر منه بعد التأمّل الاستناد إلى الوجه الثاني ، وعليك بالتأمل في أطرافه.
ثمّ لا يخفى عليك أن ما حكاه عن الشهيد قدسسره في « الذكرى » (١) : من الاستدلال لحكم المقام ، أعني : مشروعيّة إتيان ما يحتمل الوجوب العبادي سواء كان من جهة اشتباه الحكم ، أو الموضوع وإن كان البحث المحرّر في « الكتاب » في الأول بالآيات المذكورة ، مبنيّ على إرادة معنى الاحتياط من التقوى ولو بقرينة قوله تعالى : ( حَقَّ تُقاتِهِ )(٢) وقوله : ( مَا اسْتَطَعْتُمْ )(٣) بحيث يشمل الشبهة الوجوبيّة.
__________________
(١) ذكرى الشيعة : ج ٢ / ٤٤٤.
(٢) آل عمران : ١٠٢.
(٣) التغابن : ١٦.