المستحبّة مع استحالة تعلّق الأمر الندبي به لأجلها من حيث تعلّق الأمر الوجوبي به المانع من تعلّق الأمر الندبي؟
ومن هنا قال ثاني الشهيدين قدسسرهما في « الروضة » وغيره في غيرها : إنّ الوضوء قبل الوقت لا يكون إلاّ مستحبّا وبعد الوقت لا يكون إلاّ واجبا ؛ نظرا إلى أن تعدّد غاياته لا يوجب الاختلاف فيه وتعدّد عنوانه (١). وهذا بخلاف الغسل ، ولذا قيل بتداخل الأغسال من حيث المسبّبات ، ولم نقل بذلك في الوضوء وإنّما التداخل فيه من حيث الأسباب.
بل التحقيق : كون الوجه في عباديّته رجحانه النفسي ، وإلاّ فالأمر المتعلّق به سواء فرض كونه وجوبيّا أو ندبيّا ليس إلاّ غيريّا لا يصلح لجعله عبادة ، فليس المصحّح لكونه عبادة إلاّ رجحانه النفسي الذي لا يوجب تعلّق الأمر النفسي به دائما من جهة قضاء الضرورة بتضادّ الوجوب والاستحباب ، ولو كان أحدهما نفسيّا والآخر غيريّا.
بل التحقيق : استحالة اجتماع الاستحباب النفسي الغيري أيضا كما حققناه في محلّه ، وإن زعم بعض المحقّقين ممن قارب عصرنا خلاف ذلك ، وأن الاختلاف بالنفسيّة والغيرية يوجب رفع التضادّ بين الأحكام مطلقا حتى إذا كان أحدهما أمرا والآخر نهيا ، فأيّ مانع من أن يجعل المقرّب نفس عنوان الاحتياط الراجح ذاتا وإن كان الأمر المتعلق به إرشاديّا؟
__________________
(١) الروضة البهيّة : ج ١ / ٢٣ طبعة مكتب الإعلام الإسلامي.