وهما لحاظ الالية والاستقلالية فى اللفظ الموضوع ، وجه الملازمة ان استعماله فى المعنى لا يكون إلّا بالنظر الآلي ، وكون المقصود من ذلك وضع اللفظ للمعنى لا يكون إلّا بنظر استقلالى للفظ وبطلان اللازم بديهى.
لانه يقال : نعم فى المقام اجتماع لحاظين ، متباينين إلّا ان الملحوظ فى كل من اللحاظين غير الملحوظ باللحاظ فان الملحوظ آلة ، هو شخص اللفظ بالنسبة الى شخص المعنى ، والملحوظ استقلالا طبيعة اللفظ بالنسبة الى طبيعة المعنى ، فلم يجتمع فى موضوع واحد لحاظان متنافيان ، بل فى موضوعين ولا باس به كما لا يخفى.
فتلخص مما ذكرناه ان الحقيقة الشرعية بناء على ثبوتها يمكن تحققها فى مرحلة الخارج بكلا نحوى التعيين والتعين.
وبعد هذا نقول : ان القائل بها لا يسعه القول بها فى الالفاظ المتداولة فى لسان الشارع إلّا اذا لم يقم فيها احتمال وضعها لمعانيها فى الاعصار السالفة والشرائع السابقة ، واما مع قيام مثل هذا الاحتمال فيها كما يقتضيه غير واحد من الآيات فلا مجال ودعوى القطع بثبوتها على هذا التقدير مجازفة ، بل ليس معه الا الاحتمال ، فان الاحتمالات العقلية المتصورة فى المقام حينئذ لا تخرج عن واحد من ثلث ، اذ هذه المعانى القديمية ، ان كانت مسماة بهذه الاسماء من اول زمان اختراعها ، كانت الالفاظ حقايق لغوية ، لا شرعية نظرا الى كون واضعها اهل اللغة.
وان لم تكن مسماة بهذه الاسماء من سابق الزمان ، بل من زمان الشارع على لسانه ، كانت الالفاظ حقائق شرعية ، لان التسمية من الشارع وان كان المسمى بذاته ليس من مخترعاته ، فعلى هذا يحتاج فى دلالة الالفاظ على ما يزيد على تلك المعانى من الشرائط والاجزاء