هذا كله حال المتوافقين فى الحكم ، واما المختلفان فيه نحو اعتق رقبة ولا تعتق رقبة كافرة ، فلا ينبغى الارتياب فى التقييد ، لو كان الاختلاف بينهما بنحو يجب عتق الرقبة ولا يجب عتق الكافرة ، او كان الاختلاف بينهما بلسان الوضع نحو صل ولا تصل فيما لا يأكل ، فإن بناء الاصحاب فى الاوامر والنواهى الواردة فى المركبات المخترعة الشرعية ، حملهما على بيان الاجزاء والشرائط والموانع ، وذلك التقييد فى هذين القسمين ، للانسباق منه بلا توقف ولا اشكال ، واما اذا كان الاختلاف بينهما ايجابا وتحريما كما فى المثال المزبور ، اعنى اعتق رقبة ولا تعتق رقبة كافرة ، ففى الحكم بالتقييد خفاء بل منع ، اذ الحكم التحريمى انما ينفى الوجوب الذى كان يقتضيه الاطلاق ، ولا دلالة فيه على انتفاء ملاك الوجوب المستفاد من اطلاق المادة فى اعتق رقبة ، فيبقى المطلق على ما هو عليه من قضية الاطلاق فى ملاك الوجوب ، ولا تنافى بين الملاكين ، اذا كان ملاك الوجوب مصلحة وملاك النهى مفسدة ، اذ يمكن اجتماع المفسدة والمصلحة فى شىء واحد ، وان كان التأثير يستند الى احدهما خاصة.
اللهم إلّا ان يلتزم بأن للنهى جنبى التكليف والارشاد ، فهو باعتبار التكليف رافع للوجوب ومثبت للحرمة ، وباعتبار الارشاد رافع لملاك الوجوب.
فان قلت : اى فرق بين مثال يجب عتق الرقبة ، ولا يجب عتق الرقبة الكافرة ، وبين مثال اعتق رقبة ولا تعتق رقبة كافرة ، حيث نفيت الاشكال فى التقييد فى الاول ، واثبت الخفاء بل المنع فى الثانى؟
قلت : الفرق بينهما واضح ، ضرورة انه فى الاول ينفى ملاك الوجوب ايضا ، بخلاف الثانى ، فانه لا دلالة له ، على انتفاء ملاك الوجوب ، الا بالتعسف المعبر عنه باللهم الخ ، فافهم وتأمل.