الماهية اللابشرط القسمى ، وهى الماهية الملحوظة مجردة عن قيدى السريان والايمان ، فيكون محصل الخلاف بين الفريقين ان المطلق عند المشهور موضوع للماهية اللابشرط القسمى ، وعند السلطان موضوع للماهية اللابشرط المقسمى ، والماهية بالاعتبار الاول فرد من افراد الماهية بالاعتبار الثانى ، وليس لها بالاعتبار الثانى وجود مستقل فى وعاء الذهن ، وانما هو محفوظ فى ضمن وجودها بالاعتبار الاول ، او بقيد الايمان ، فالرقبة المجردة والرقبة المقيدة بالايمان كلاهما حافظان للرقبة المهملة ، وهى المعنى الموضوع له على راى السلطان ، فلم تخرج الرقبة المؤمنة عنده ، عن كونها فردا من افراد المعنى الحقيقى ، ولا يكون استعمال اللفظ فى ذلك المعنى المقيد ، الا من باب استعمال اللفظ فى معناه الحقيقى المتحقق فى ضمن فرد من افراده ، بنحو تعدد الدال والمدلول ، ومعلوم ان مثل هذا الاستعمال يكون استعمالا حقيقيا لا مجازيا ، كما هو لازم قول المشهور ، لظهور ان المقيد يغاير المجرد الذى يراه المشهور هو المعنى الموضوع له ، فلو استعمل اللفظ فى المعنى المقيد ، كان اللفظ خارجا عن معناه الحقيقى ومتجوزا به عن معناه الاصلى ، فيكون اللفظ مجازا فى الاصطلاح ، لا حقيقة كما يقول السلطان قده.
فإن قلت : كيف يجوز ان يكون الموضوع له هو المعنى الاهمالى ، كما يراه السلطان؟ وكيف يكون ذلك معنى جامعا ومفهوما مشتركا بين الماهية المجردة والمقيدة؟ وليس ذلك إلّا جمعا بين اعتبارى الوجدان والفقدان؟ وهل هذا الا بعينه التناقض المحال؟
قلت : قد اشرنا آنفا الى اندفاع هذه الشبهة ، وبطلانها بما بيناه من ان الماهية الموضوع لها اللفظ ، معنى محفوظ فى ضمن كل من قسمى المجرد والمقيد ، وليس لها فى عالم الذهن وجود مستقل