وتمحل شيخنا المرتضى قده على ما حكى عنه فى التقريرات فى التفصى عن هذا الاشكال ، بأن استفادة ارتفاع مطلق الوجوب عند ارتفاع الشرط ، ليس ذلك من باب اعتبار السنخية فى ناحية الجزاء ، بل لانفهام العلية من الجملة الشرطية ، فان الشرط اذا كان علة لشخص الوجوب ، فارتفاع شخص الوجوب عند ارتفاع علته دليل على ارتفاع سنخ الوجوب ايضا (١) وكأنه اخذ ذلك من وحدة المناط ، وهو كما ترى التزام بالاشكال وتمحل فى الجواب.
فالصواب فى ذلك ان يجاب بأن الانشاء على نحوين ، تارة لا يكون لمنشئه واقع يستعلم تحققه من طريق الانشاء بل الانشاء يكون تمام العلة لوجوده ، كما فى انشاء الملكية بصيغة بعت مثلا ، واخرى يكون لمنشئه واقع كشف عنه الانشاء بطريق الإنّ ، لا بطريق الحكاية كما فى موارد الطلب ، فان الطلب المنشا بصيغة اضرب مثلا وان لم يكن محكيا بالصيغة ، إلّا ان له واقعا من الطلب القائم بنفس الطالب ، كشف عنه ذلك الانشاء بمعونة مقدمات أخر ، وذلك الامر الواقعى هو مورد حكم العقل بوجوب الاطاعة وحرمة المعصية لا هذا المنشا بالصيغة.
ومن ثم لو كان المتكلم فى مقام السخرية والاستهزاء ، وانشاء الطلب بصيغة ، لم يجب اتباعه فى ذلك الطلب ، فيكون هذا النحو من الانشاء مشوبا بالاخبار باعتبار استعلام واقع مجهول منه عند تحققه وذلك الواقع ليس معلولا للانشاء حتى يتضيق بتضيقه ، بل مستعلما منه ، فهو نحو الواقع المجهول المستعلم من الاخبار ، وان فارقه فى كيفية الاستعلام من حيث ان الاستعلام فى الاخبار بنحو الحكاية ، وفى الطلب بنحو الاستدلال الإنّي الذى هو العلم من المعلول بالعلة كما قرر فى محله فأفهم واغتنم.
__________________
(١) ـ مطارح الانظار : ١٧٣.