وتوضيح المقام ان لكل شىء اعتبارين ، الوجود والايجاد ، فان اعتبر متحركا من كتم العدم الى عالم الوجود كان ذلك ايجادا ويعبر عنه بالفارسية «وجود گرفتن» وان اعتبر متلبسا بالوجود كان ذلك وجودا ويعبر عنه ايضا «بوجود داشتن» ومنه يظهر ان اعتبار الوجود مؤخر رتبة عن اعتبار الايجاد. وبهذا يمكن الفرق بين الفعل واسم فاعله ، حيث ان الاول يدل على حالة التحرك ، وبعد ذلك اذا حصلت الحركة وتحصل المتحرك ، تعنون بعنوان اسم الفاعل الذى هو فى الحقيقة دال على المتلبس بعد الفراغ عن تلبسه ، بخلاف الفعل الدال على حدوث التلبس والى ذلك اشير فى الخبر ، الاسم ما دل على المسمى ، والفعل ما دل على حركة المسمى (١) والمراد بالمسمى هو المعنى المدلول عليه باللفظ ، فكان هذا هو الفارق بين الاسماء والافعال ، ففى الاسم دلالة على الوجود ، وفى الفعل دلالة على الايجاد ، وهذا الايجاد هو معنى الجملة ، اسمية كانت او فعلية ، خبرية كانت او انشائية ، كما ان معنى الوجود هو معنى الاسم مفردا او مركبا فان المركبات التقييدية ، كغلام زيد مثلا ، حالها حال المفردات فى دلالتها على شىء مفروض الوجود ، اى دالة على نسب واضافة متحققة ، لا كالمركبات التامة الدالة على احداث النسبة وايقاعها ، ومن هذا الباب قولهم : ان الاوصاف قبل العلم بها اخبار وبعد العلم بها اوصاف والسر فى ذلك ما ذكرناه من ان مفاد الايجاد واحداث التلبس ، لا يكون إلّا قبل العلم لافادة المخاطب ، وبعد ان علم بها بالاخبار ، صارت الذات
__________________
(١) ـ الخبر المروى فى هذه المسألة مشهور من كلام مولانا وامامنا على بن أبي طالب «ع» حيث رمى الى ابى الاسود الدؤلى رقعة فيها .... الاسم ما انباء عن المسمى ، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى ، والحرف ما اوجد معنى فى غيره ... تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام ص ٦٠.