ما يفتقر الى محل واحد فى الخارج ، كالكيفيات والكميات ، وان كانت فى عالم التصور ، لا تفتقر الى محل ، بل يمكن تصورها مجردة عن معروضها.
ومنها ، ما يحتاج الى محلين وطرفين كالنسب والاضافات ، فانها تفتقر الى المنسوب ، والمنسوب اليه والمضاف والمضاف اليه ، وحينئذ فتقول مفهوم الابتداء الاسمى من قبيل الاول ، فان الابتداء لا يحتاج إلّا الى وجود مسبوق بالعدم ، ولا يفتقر الى شىء آخر ، بخلاف مفهوم «من» فانها لا تكاد تتحقق لها مفهوم ومعنى إلّا بملاحظة طرفيها من السير والبصرة مثلا ، كما هو مشاهد فى قولك : بدو سيرى من البصرة ، فانك ترى البدو الذى هو معنى اسمى للابتداء ، لا يفتقر إلّا الى السير الذى هو المحل المعروض للابتداء ، بخلاف معنى «من» فانه يفتقر الى امرين ، السير والبصرة وهكذا الحال فى كل ما كان من قبيل «من» مما دل على النسب والاضافات ، كهيئات الافعال والمشتقات.
وفى تلك الاضافات والنسب اختلافات فيما بينها ، بحسب اختلاف اطرافها ، فان النسبة التى بين زيد على السطح ، غير النسبة التى بين عمرو على السطح ، او زيد على السطح غير زيد على الفرس وهكذا ، بل النسبة التى بين خصوصية وخصوصية ، غير النسبة التى بين كلتيهما ، مثلا الخصوصية التى هى نسبة بين زيد وكونه على نقطة خاصة من السطح ، غير كون الانسان على السطح ، فهما بحسب الذهن والتعقل نسبة بين كليين ، ونسبة بين جزئيين ، وان كانت النسبتان فى الخارج منطبقين على شىء واحد.
وهكذا الكلام فى النسب الظرفية ، والابتدائية ، والانتهائية ، فانها فيما بينها مختلفة بحسب اختلاف اطرافها.