«واما الوضع العام والموضوع له الخاص فقد توهم انه وضع الحروف ، وما الحق بها من الاسماء كما توهم ايضا ان المستعمل فيه فيها خاص مع كون الموضوع له كالوضع عاما» وكلا القولين فيه ما لا يخفى «والتحقيق حسبما يؤدى اليه النظر الدقيق ان حال المستعمل فيه والموضوع له فيها حالهما فى الاسماء ، وذلك لان الخصوصية المتوهمة ان كانت هى الموجبة لكون المعنى المتخصص بها جزئيا خارجيا ، فمن الواضح ان كثيرا ما لا يكون المستعمل فيه فيها كذلك ، بل كليا» ضرورة ان الابتداء المستفاد من لفظة «من» فى قولك سرت من البصرة ، لا يختص بواحد معين من نقاط البصرة فما يفهم من لفظة «من» فى هذا الكلام ما يساوق المستفاد من لفظ الابتداء فى قولك ابتداء سيرى من البصرة «ولذا التجأ بعض الفحول (١) الى جعله جزئيا اضافيا وهو كما ترى» ضعفه ظاهر ، ضرورة انه اذا جاز ان يكون المعنى الحرفى عنده بمعنى عام تحت ما هو اعم منه بحسب ما سماه جزئيا اضافيا ، فليكن الموضوع له عاما ، ولا داعى للالتزام بكون الموضوع له فيها خاصا.
وبالجملة اعتبار الجزئية الخارجية فى المعانى الحرفية ، خلاف الوجدان ، وما اعتذر به البعض واضح البطلان.
ويزيدك تصديقا فى بطلان اعتبار الجزئية الخارجية ، انه يصح ان يقال : اكلت ، وشربت ، وسرت من البصرة ، مع انه بناء على اعتبارها يلزم استعمال اللفظ الواحد فى معان عديدة وهو باطل. هذا اذا كانت الخصوصية المعتبرة خارجية ، وقد عرفت فساد اعتبارها.
وان كانت الخصوصية المعتبرة هى الخصوصية الذهنية الموجبة
__________________
(١) ـ هو صاحب الفصول فى كتابه ص : ١٦.