ان العبد عاجز عن صيام يومين فلا ريب فى عدم جواز امره بصيامهما معا بالامر المطلق فلا يجوز ان يؤمر بصوم يوم الخميس والجمعة اذ لم يكن قادرا على صيامهما ، هذا اذا كان الامر بصيامهما مطلقا اما اذا كان الثانى منهما مشروطا بشرط يعلم تحققه ، نحو ان يقول المولى صم يوم الخميس وان جاءك زيد يوم الجمعة فصم يوم السبب ، وكان المولى يعلم بمجيء زيد فى يوم الجمعة مع فرض عجز العبد عن ان يصوم اليومين ، ففى مثل هذا الفرض ينبغى الالتزام بعدم جواز الامر بصيام اليومين كما بنى عليه القوم ، وليس محاليته الا من جهة توافق الرتبة بين الامرين لتحقق الاختلاف الزمانى بين الصومين حسب الفرض.
فيظهر من التسالم على الجواز فى المثال الاول وعدمه فى المثال الثانى ان مدار الجواز والعدم على اتحاد الرتبة واختلافها ، فإذا كان الامران فى رتبة واحدة يستحيل التكليف بالضدين معا ، واذا كانا فى رتبتين جاز وما نحن فيه الثانى ، فليبن على جوازه كما بنى على جوازه فى المثال الاول.
ومن هذا كله ظهر لك الحال كمال الظهور فيما ذكره الماتن قده من انه «يكفى الطرد من طرف الامر بالاهم فانه على هذا الحال يكون طارد الطلب الضد.»
توضيح ما فيه ان الامر يستحيل ان يكون له سعة اطلاق يعم حالة عصيانه لما عرفت من ان الامر علة لتحقق المأمور به والعلة ليست فى رتبة المعلول ، وكما لا تكون فى رتبة المعلول لا تكون فى رتبة نقيضه ، لاتحاد النقيضين فى الرتبة فلا يكون رتبة المخالفة والعصيان بترك الازالة من جملة مراتب الامر بالازالة ، بل رتبة عدم الازالة متأخرة عن رتبة الامر بها ، وقد كان الامر بالمهم الذى هو الصلاة