ولكن الذى يقوى فى النظر صحة القول الاول بشهادة الوجدان ، ويظهر ذلك فيما لو تماهل العبد المأمور بشراء اللحم الموقوف على مقدمات حتى فات عليه بعض تلك المقدمات ، فلا اظن ان يرتاب احد فى استحقاقه العقوبة على ترك الشراء ، فلو كان من قبيل الواجب المشروط لم يكن يستحق على ذلك العقوبة ، بل له الاعتذار بأن الطلب المصحح للعقوبة على مخالفته لم يكن قد توجه اليه الا بعد فوات بعض المقدمات المانع ذلك عن توجه التكليف اليه ، ولا ريب فى بطلان التالى بالوجدان وشهادة العيان.
ثانيها : ان يردد الواجب الاستقبالى بين ان يكون مطلوبا على وجه التقييد بالزمن المستقبل بحيث يكون التكليف متوجها الى مجموع القيد والمقيد معا ، او يكون مطلوبا بذاته لا مع قيده ، فعلى الاول يستحيل التكليف لان القيد غير مقدور لعدم التمكن من تحصيله فيستحيل التكليف بالمركب من القيد والمقيد معا.
وعلى الثانى فان كان الطلب كالمطلوب غير مقيد بشىء كان التكليف منجزا وهو خلاف المفروض ، وان كان الطلب معلقا على حصول القيد كان ذلك من قبيل المشروط وهو عين المطلوب فلا واجب معلق حينئذ.
وفيه ان الاستناد الى هذا الوجه ان كان مبنيا على اعتبار مقارنة الارادة للمراد ، فقد عرفت ما فى المبنى فى السابق بما لا مزيد عليه ، وان لم يبتن على ذلك واجتزى بالارادة المقرونة مع المقدمات قلنا : اختيار تعلق الطلب بذات المقيد ولا محذور فيه اصلا ، اذ الذات لم تكن مطلوبة إلّا بنحو تكون مقرونة مع القيد بنحو خروج القيد ودخول التقييد فى المطلوب ، من غير ان يكون للذات اطلاق وتوسعة شاملة لصورة التجرد من القيد.