كالفاضل المقداد في كنز العرفان (١).
وربما يفهم أيضا من شيخنا الشهيد في الذكرى وجملة ممن تبعه (٢) ، حيث فهموا من كلام القائلين بهذا القول تعيّن استقبال عين المسجد والحرم لمن كان خارجهما وعدم اعتبار جهتهما ، وحملوا كلامهم والروايات على الجهة ، وأن ذلك ذكر على سبيل التقريب إلى الأفهام إظهارا لسعة الجهة ، وزعموا بذلك الجمع بين القولين ، ولو لا اتفاقهما على تعيّن الكعبة للمشاهد ومن بحكمه لما ارتفع بمجرد ذلك الخلاف بينهما ، فإن ثمرة الاختلاف بينهما تظهر في شيئين :
أحدهما : تعيّن الكعبة للمشاهد ومن بحكمه ولو كانا خارج المسجد مثلا ، كما هو مقتضى القول الأوّل ، وعدمه وجواز استقبال جزء من المسجد والحرم ولو منحرفا عنها ، كما هو مقتضى القول الثاني.
وثانيهما : تعيّن استقبال عين المسجد أو الحرم للنائي دون الجهة ، كما هو مقتضى القول الثاني ، وكفاية الجهة دون عينهما ، كما هو مقتضى القول الأوّل.
وحيث إنّ الشهيد ومن بعده لم يتعرضوا إلّا للثمرة الأخيرة وجمعوا بين القولين بما مر ، ظهر منهم انحصار ثمرة الخلاف فيها خاصة ، دون السابقة ، وليس ذلك إلّا لتعيّن الكعبة للمشاهد ومن بحكمه كما عرفته.
واعلم إن الجمع الذي ذكروه حسن ، إلّا أنه ربما يأبى عنه عبارة الخلاف المحكية ، حيث استدل على مختاره ـ بعد النصوص المتقدمة وما ادّعاه من إجماع الإمامية ـ بأنّ المحذور في استقبال عين الكعبة لازم لمن أوجب استقبال
__________________
(١) كنز العرفان ١ : ٨٥.
(٢) الذكرى : ١٦٢ ، وانظر كشف اللثام ١ : ١٧١ ، والحدائق ٦ : ٣٧٥.