عكس المعنى :
وهو النوع الرابع من السرقات عند العلوي ، فقد قسّمها الى النسخ والسلخ والمسخ وعكس المعنى والزيادة عليه معنى آخر. قال عن عكس المعنى : «وما هذا حاله فهو بالغ في المجد كل مبلغ ، ومن لطافته ورشاقته يكاد يخرجه عن حدّ السرقة» (١). ومن ذلك ما قاله أبو الشيص :
أجد الملامة في هواك لذيذة |
حبّا بذكرك فليلمني اللّوّم |
فأخذه المتنبي وعكس ما قاله عكسا لائقا قال فيه :
أأحبّه وأحبّ فيه ملامة |
إنّ الملامة فيه من أعدائه |
قال العلوي «وما هذا حاله فإنّه من السرقات الخفية كما أشرنا اليه. وقد قال بعض الحذّاق إنّ ما هذا حاله بأن يسمّى ابتداعا أحق من أن يسمّى سرقة». ومن هذا ما قاله بعض الشعراء في صفة الكرام ومدحهم :
لو لا الكرام وما استنّوه من كرم |
لم يدر قائل شعر كيف يمتدح |
وقد سبقه بهذا المعنى أبو تمّام خلا أنّ ابا تمّام جعله في الكرم وهذا جعله في المدح قال أبو تمّام في ذلك فأجاد كل الاجادة :
ولو لا خلال سنّها الشّعر ما درى |
بغاة النّدى من أين تؤتى المكارم |
العنوان :
عنت الكتاب وأعننته لكذا أي عرضته له وصرفته اليه ، وعنّ الكتاب يعنّه عنّا كعنونه بمعنى واحد مشتق من المعنى. قال اللحياني : عنّنت الكتاب تعنينا وعنيته تعنينا اذا عنونته ابدلوا من إحدى النونات ياء وسمّي عنوانا لانه يعنّ الكتاب من ناحيته وأصله عنّان فلما كثرت النونات قلبت احداها واوا ، ومن قال علوان الكتاب جعل النون لاما ؛ لأنّه أخفّ وأظهر من النون ، ويقال للرجل الذي يعرّض ولا يصرّح : قد جعل كذا وكذا عنوانا لحاجته. قال ابن بري :
والعنوان : الأثر ، وقال الليث : العلوان لغة في العنوان غير جيدة والعنوان ـ بالضم هي اللغة الفصيحة (٢).
والعنوان من مبتدعات المصري قال : «هو أن يأخذ المتكلّم في غرض له من وصف أو فخر أو مدح أو هجاء أو عتاب أو غير ذلك ثم يأتي لقصد تكميله بألفاظ تكون عنوانا لاخبار متقدمة وقصص سالفة» (٣).
ومنه قول ابي نواس :
يا هاشم بن خديج ليس فخركم |
بقتل صهر رسول الله بالسّدد |
|
أدرجتم في إهاب العير جثّته |
لبس ما قدّمت أيديكم لغد |
|
إن تقتلوا ابن أبي بكر فقد قتلت |
حجرا بدارة ملحوب بنو أسد |
|
ويوم قلتم لعمرو وهو يقتلكم |
قتل الكلاب لقد أبرحت بالولد |
|
وربّ كندّية قالت لجارتها |
والدّمع ينهلّ من مثنى ومن وحد |
|
ألهى أمرأ القيس تشبيب بفانية |
عن ثأره وصفات النؤي والوتد (٤) |
فقد أتى أبو نواس في هذه الأبيات بعدة عنوانات : منها قصة قتل محمد بن أبي بكر وقتل حجر أبي امرئ القيس ، وقتل عمرو بن هند كندة في ضمن هجاء قبيلته وملوكهم.
ومثل ذلك قول أبي تمام في استعطافه مالك بن
__________________
(١) الطراز ج ٣ ص ١٩٨.
(٢) اللسان (غنن).
(٣) تحرير التحبير ص ٥٥٣ ، بديع القرآن ص ٢٥٧.
(٤) أبرحت : أهلكت. من مثنى ومن وحد : يريد من عينين اثنتين وعين واحدة. النؤي : الحجارة توضع حول الخيمة أو الخباء لتمنع السيل.