التي يستعظم وجودها» (١).
وضع المضمر موضع المظهر :
هذا النوع من خلاف مقتضى الظاهر ، كقولهم ابتداء من غير جري ذكر لفظا أو قرينة حال : «نعم رجلا زيد» و «بئس رجلا عمرو» مكان : «نعم الرجل» و «بئس الرجل» على قول من لا يرى الأصل «زيد نعم رجلا» و «عمرو بئس رجلا». وقولهم : «هو زيد عالم» و «هو عمرو شجاع» مكان : «الشأن زيد عالم» و «القصة عمرو شجاع» ليتمكن في ذهن السامع ما يعقبه ، فانّ السامع متى لم يفهم من الضمير معنى بقي منتظرا لعقبى الكلام كيف تكون فيتمكن المسموع بعده في ذهنه فضل تمكن وهو السر في التزام تقديم ضمير الشأن أو القصة. قال الله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)(٢) وقال : (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ)(٣) وقال : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ)(٤).
وهذا من أساليب التوسع في القول والايجاز والابهام أحيانا (٥).
وضع المظهر موضع المضمر :
هذا النوع من خلاف مقتضى الظاهر (٦) ، وهو «وضع الظاهر موضع المضمر» وقد تقدم.
وضع النّداء موضع التّعجّب :
هذا النوع من خروج النداء الى التعجب كقوله تعالى : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ)(٧) قال الفراء : «معناه : فيا حسرة» (٨) ، وقد تقدم في النداء.
وقوع الحافر على الحافر :
هذا النوع من السرقات وذلك أن يؤخذ اللفظ والمعنى ، وقد قسّمه ابن الاثير الى ثلاثة أنواع : (٩)
الأول : أن يستوي الشاعران في كل لفظة من الالفاظ ، وهذا يقع كثيرا في شعر جرير والفرزدق كقولهما :
وغرّ قد وسقت مشهّرات |
طوالع لا تطيق لها جوابا |
|
بكل ثنيّة وبكل ثغر |
غرابتهن تنتسب انتسابا |
|
بلغن الشمس حيث تكون شرقا |
ومسقط قرنها من حيث غابا |
الثاني : أن يختلف الشاعران في لفظة واحدة من بيتيهما كقول امرىء القيس :
وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم |
يقولون لا تهلك أسى وتجمّل |
وقول طرفة :
وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم |
يقولون لا تهلك أسى وتجلّد |
الثالث : أن يختلف الشاعران في شطر بيتيهما ، وهو أقرب الأضرب الثلاثة حالا ، كقوله جرير :
إذا غضبت عليّ بنو تميم |
حسبت الناس كلّهم غضابا |
وقول الفرزدق :
وتحسب من ملائمها كليب |
عليها الناس كلهم غضابا |
__________________
(١) المثل السائر ج ٢ ص ١٨ ، وينظر الجامع الكبير ص ١٠٢ ـ ١٠٣.
(٢) الاخلاص ١.
(٣) المؤمنون ١١٧.
(٤) الحج ٤٦.
(٥) الايضاح ص ٦٨ ، التلخيص ص ٩٠ ، شروح التلخيص ج ١ ص ٤٥٢ ، المطول ص ١٢٨ ، الاطول ج ١ ص ١٥١.
(٦) الايضاح ص ٦٩ ، التلخيص ص ٩٠ ، شروح التلخيص ج ١ ص ٤٥٢ ، المطول ص ١٢٨ ، الاطول ج ١ ص ١٥١.
(٧) يس ٣٠.
(٨) البرهان في علوم القرآن ج ٤ ص ٣٥٣.
(٩) الاستدراك ص ٦١ ـ ٦٢.