ومنه قول أبي تمام :
هنّ الحمام فإن كسرت عيافة |
من حائهنّ فانّهنّ حمام (١) |
وهو ثلاثة أقسام :
الأول : تبدل فيه الحركة بالحركة كالآيتين السابقتين وبيت أبي تمام.
الثاني : تبدل فيه الحركة بالسكون ، كالحديث الشريف.
الثالث : يبدل فيه التخفيف بالتشديد مثل : «الجاهل إما مفرط أو مفرّط». وعرّفه مثل ذلك ابن الاثير الحلبي وابن قيم الجوزية (٢) ، وقال الحموي : «هو ما اتفق ركناه في عدد الحروف وترتيبها ، واختلفا في الحركات سواء كانا من اسمين أو فعلين أو من اسم وفعل أو من غير ذلك ، فانّ القصد اختلاف الحركات» (٣).
تجنيس التّداخل :
سمّاه بعضهم «تجنيس الترجيع» وسماه التبريزي : «التجنيس الناقص» وسماه آخرون «تجنيس التذييل» ، وهو «الذي يوجد في إحدى كلمتيه حرف لا يوجد في الأخرى ، وجميع حروف الأخرى موجود في الأولى وقسم في وسطها وقسم في آخرها» (٤). مثال الأول : قوله تعالى : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ)(٥).
ومثال الثاني : قول بعضهم : من جدّ وجد».
ومثال الثالث : قول أبي تمام :
يمدّون من أيد عواص عواصم |
تصول بأسياف قواض قواضب |
وقد تكون الزيادة حرفين ، فإما أن يقعا في أول الكلمة ويكونا متقاربين كقولهم : «ليل دامس وطريق طامس».
وإما أن يقعا في وسطها كقولهم : «ما خصصتني بل خسستني». أو آخر الكلمة ويكونا متباعدين كقوله : «سالب وساكب». أو متقاربين كقولهم : «شاحب وشاغب». ومن القسم الذي توسط فيه الحرف الواحد قوله تعالى : (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ. وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)(٦).
وقال المصري تعليقا على قول أبي تمام : «يمدون من أيد ...» : «وعندي أنّ تسميته تجنيس التداخل لدخول احدى الكلمتين في الأخرى ، أو تجنيس التضمين لتضمن إحدى الكلمتين لفظ الأخرى أولى بالاشتقاق ، إذ لا معنى لقولهم يرجع لفظ إحدى الكلمتين في لفظ الأخرى لأنّ ظاهر الرجوع يؤذن بذهاب قبله ولا ذهاب ، أو كما قالوا : «تجنيس التذييل» (٧).
تجنيس التّذييل :
هو تجنيس التداخل أو تجنيس الترجيع (٨).
تجنيس التّرجيع :
سمّاه ابن منقذ بهذا الاسم وقال : «هو أن ترجع الكلمة بذاتها» (٩) ، وسمّي تجنيس التداخل او تجنيس التذييل (١٠) ، وسماه التبريزي «التجنيس الناقص» (١١).
__________________
(١) العيافة : التكهن بالطير ، العائف المتكهن بالطير وغيره.
(٢) جوهر الكنز ص ٩٤ ، الفوائد ص ٢٤٠.
(٣) خزانة الأدب ص ٣٦.
(٤) تحرير التحبير ص ١٠٧ ، بديع القرآن ص ٣٠.
وينظر الوافي ص ٢٦٢.
(٥) القيامة ٢٩ ـ ٣٠.
(٦) العاديات ٧ ـ ٨.
(٧) تحرير ص ١٠٨.
(٨) تحرير ص ١٠٨.
(٩) البديع في نقد الشعر ص ٢٦.
(١٠) تحرير ص ١٠٨ ، بديع القرآن ص ٣٠ ، جوهر الكنز ص ٩٥ ، شرح عقود الجمان ص ١٤٥ ، جنى الجناس ص ٢٤٤.
(١١) الوافي ص ٢٦٢.