المتكلم بمعنى غريب نادر لم يسمع بمثله أو سمع وهو قليل الاستعمال. وسماه قوم النوادر (١).
الإغراق :
أغرق في الشيء : جاوز الحد ، وأصله من نزع السهم (٢) والاغراق فوق المبالغة ودون الغلو (٣) ، وقد سماه ثعلب «الافراط في الاغراق» (٤) ولم يعرّفه كقول امرئ القيس :
وقد أغتدي والطير في وكناتها |
بمنجرد قيد الأوابد هيكل |
وذكر ابن المعتز «الافراط في الصفة» (٥) وسماه الرازي «الاغراق في الصفة» (٦) وهي تسمية الوطواط (٧).
وتحدث عنه العسكري في باب الغلو وقال : «الغلو تجاوز حد المعنى والارتفاع فيه الى غاية لا يكاد يبلغها» (٨) كقوله تعالى : (وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ)(٩) وقول الشاعر :
يتقارضون إذا التقوا في موطن |
نظرا يزيل مواطن الأقدام |
وقال الحاتمي : «وبعضهم يسميه الغلو» ثم قال : «وجدت العلماء بالشعر يعيبون على أبيات الاغراق ويختلفون في استهجانها واستحسانها ويعجب بعض منهم بها وذلك على حسب ما يوافق طباعه واختياره ، ويرون أنها من إبداع الشاعر الذي يوجب الفضلة له.
ويقولون : «إنّ أحسن الشعر أكذبه» وان الغلو إنما يراد به المبالغة. قالوا : واذا أتى الشاعر من الغلو بما يخرج به عن الموجود ويدخل في باب المعدوم فانما يراد به المثل وبلوغ الغاية في النعت. واحتجوا بقول النابغة وقد سئل : من أشعر الناس؟ فقال : «من استجيد كذبه وأضحك رديّه». وقد طعن على هذا المذهب لمنافاته الحقيقية ، وانه لا يصحّ عند التأمل والفكرة» (١٠).
وسماه ابن رشيق الغلو وقال إنّ من أسمائه :
الإغراق والإفراط (١١) ، وربط بين الغلو والاغراق في المعنى ، فالأول مشتق من «المغالاة ومن غلوة السهم وهي مدى رميته» والثاني «أصله في الرمي وذلك أن تجذب السهم في الوتر عند النزع حتى تستغرق جميعه بينك وبين حنية القوس». ثم قال : «وهذه التسمية تدلّ على ما نحوت اليه وأشرت نحوه» (١٢). وقال : إنّ «أحسن الاغراق ما نطق فيه الشاعر أو المتكلم بـ «كاد» أو ما شاكلها نحو «كأن» و «لو» و «لو لا» (١٣).
وفرّق المصري بين الاغراق والغلو فقال : «وقد رأيت من لا يفرق بين الغلو والاغراق ويجعل التسميتين لباب واحد. وعندي أنّ معنى البابين مختلف كاختلاف اسميهما إلا أنّ الاغراق أصله في النزع وأصل الغلو بعد الرمية وذلك أنّ الرامي ينصب غرضا يقصد إصابته فيجعل بينه وبينه مدى يمكن معه تحقيق ذلك الغرض فاذا لم يقصد غرضا معينا ورمى السهم الى غاية ما ينتهي اليه بحيث لا يجد مانعا يمنعه من استيفاء السهم قوته في البعد سميت هذه الرمية غلوة ، فالغلو مشتق منها. ولما كان الخروج عن الحق الى الباطل يشبه خروج هذه الرمية عن حدّ الغرض المعتاد الى غير حدّ سمّي غلوا» (١٤) وقال ابن مالك
__________________
(١) ينظر نقد الشعر ص ١٧٠ ، البديع في نقد الشعر ص ١٣٢ ، تحرير التحبير ص ٥٠٦ ، بديع القرآن ص ٢٢٢ ، جوهر الكنز ص ٢٢٧ ، خزانة الادب ص ٢٢٣ ، أنوار الربيع ج ٥ ص ٣٣٨.
(٢) اللسان (غرق) وينظر المنصف ص ٧٨.
(٣) ينظر تحرير ص ٣٢١.
(٤) قواعد الشعر ص ٤٠.
(٥) البديع ص ٦٥.
(٦) نهاية الايجاز ص ١١٤.
(٧) حدائق السحر ص ١٧٥.
(٨) كتاب الصناعتين ص ٣٥٧.
(٩) الاحزاب ١٠.
(١٠) حلية المحاضرة ج ١ ص ١٩٥.
(١١) العمدة ج ٢ ص ٦٠.
(١٢) العمدة ج ٢ ص ٦٥.
(١٣) العمدة ج ٢ ص ٦٤.
(١٤) تحرير التحبير ص ٣٢٣.