القطع للاحتياط :
تقدّم في شبه كمال الانقطاع والقطع والفصل والوصل (١).
القطع للوجوب :
تقدم في شبه كمال الانقطاع والقطع والفصل والوصل (٢).
قطع النّظير عن النّظير :
ذكره احمد بن المنير الاسكندري عند كلامه على قوله تعالى : (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى. وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى)(٣) ، وقال : «وفي الآية سر بديع من البلاغة يسمّى قطع النظير عن النظير ، وذلك أنّه قطع الظمأ عن الجوع والضحو عن الكسوة مع ما بينهما من التناسب. والغرض من ذلك تحقيق تعداد هذه النعم وتصنيفها ، ولو قرن كلا بشأنه لتوهم المعدودات نعمة واحدة. وقد رمق أهل البلاغة سماء هذا المعنى قديما وحديثا فقال الكندي الأول :
كأني لم أركب جوادا للذّة |
ولم أتبطّن كاعبا ذات خلخال |
|
ولم أرشف الزقّ الرويّ ولم أقل |
لخيلي كرّي كرّة بعد إجفال |
فقطع ركوب الجواد عن قوله : «لخيلي كريّ كرة» وقطع تبطن الكاعب عن ترشف الكأس مع التناسب ، وغرضه أن يعدد ملاذّة ومفاخره ويكثرها.
وتبعه الكندي الآخر فقال :
وقفت وما في الموت شكّ لواقف |
كأنك في جفن الردى وهو نائم |
|
تمرّ بك الأبطال كلمى هزيمة |
ووجهك وضّاح وثغرك باسم |
فاعترضه سيف الدولة بانه ليس فيه قطع الشيء عن نظيره ولكنه على فطنته قصر فهمه عما طالت اليه يد أبي الطيب من هذا المعنى الطائل البديع.
على أنّ في هذه الآية سرا لذلك زائدا على ما ذكر ، وهو أن قصد تناسب الفواصل ولو قرن الظمأ بالجوع فقيل : «إنّ لك ألّا تجوع ولا تظموأ» لا نتثر سلك رؤوس الآي ، واحسن به منتظما» (٤).
وكان المتقدّمون قد أشاروا الى هذا الأسلوب وإن لم يسموه بمثل هذه التسمية ومنهم ابن طباطبا الذي تحدث عن ارتباط أجزاء القصيدة وذكر بيتي امرىء القيس وغيرهما (٥). وتكلم عليه المدني في باب «ائتلاف المعنى للمعنى» وذكر الأبيات نفسها (٦) ، وقد تقدم.
القطع والعطف :
تحدّث عنه ابن وهب فقال : «فمما قطع الكلام فيه وأخذ في فن آخر ثم عطف بتمام القول الاول عليه قوله ـ عزوجل ـ (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ)(٧) الى آخر الآية. ومثله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ ، الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ.) ثم قطع وأخذ في كلام آخر فقال : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ،) ثم رجع الى الكلام الأول فقال : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٨).
__________________
(١) مفتاح العلوم ص ١٢٦.
(٢) مفتاح العلوم ١٢٦.
(٣) طه ١١٨ ـ ١١٩.
(٤) الانتصاف ـ هامش الكشاف ج ٣ ص ٧٢.
(٥) عيار الشعر ص ١٢٤.
(٦) أنوار الربيع ج ٤ ص ١٩٨ وينظر يتيمة الدهر ج ١ ص ٣٣ ، المصباح ص ١١٥ ، الطراز ج ٣ ص ١٤٧ ، خزانة الأدب ص ٢٣١.
(٧) النساء ٢٣.
(٨) المائدة ٣.