ظاهر يفهمه كل أحد مثل «زيد أسد» أي في الشجاعة ، ومنه ما هو خفي لا يدركه إلا من له ذهن يرتفع عن طبقة غير المثقفين كقول من وصف بني المهلب للحجاج لما سأله عنهم : «كانوا كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها» أي : لتناسب أصولهم وفروعهم في الشرف يمتنع تعيين بعضهم فاضلا وبعضهم أفضل منه كما أنّ الحلقة المفرغة لتناسب أجزائها يمتنع تعيين بعضها طرفا وبعضها وسطا.
ومنه ما لم يذكر فيه وصف المشبه ولا وصف المشبه به كالمثال الأول ومنه ما ذكر فيه وصف المشبه به وحده كالمثال الثاني ، ونحوه قول زياد ابن الاعجم :
وإنّا وما تلقي لنا إن هجوتنا |
لكالبحر مهما تلق في البحر يغرق |
وقول النابغة :
فانّك شمس والملوك كواكب |
إذا طلعت لم يبد منهن كوكب |
ومنه ما ذكر فيه وصف كل واحد منهما كقول أبي تمام :
صدفت عنه ولم تصدف مواهبه |
عنّي وعاوده ظنّي فلم يخب |
|
كالغيث إن جئته وافاك ريّقه |
وإن ترحّلت عنه لجّ في الطّلب (١) |
تشبيه المحسوس بالمحسوس :
هو أن يكون المشبه والمشبه به حسيين أي مدركين باحدى الحواس الخمس (٢). وقد تقدم الكلام عليه في طرفي التشبيه وفي التشبيه الحسي.
تشبيه المحسوس بالمعقول :
هو تشبيه ما يدرك بالحسّ بما لا يدرك به (٣) ، وقد تقدّم الكلام عليه في طرفي التشبيه وفي التشبيه التخييليّ.
التّشبيه المحمود :
عدّ المبرد من التشبيه المحمود قول الشاعر :
طليق الله لم يمنن عليه |
أبو داود وابن أبي كثير |
|
ولا الحجاج عيني بنت ماء |
تقلب طرفها حذر الصقور |
وقال : «وهذا غاية في صفة الجبان» (٤).
التّشبيه المختصر :
قال المبرّد : «والعرب تختصر في التشبيه وربما أو مأت به إيماء ، قال أحد الرجاز :
بتنا بحسان ومعزاه تئط |
ما زلت أسعى بينهم والتبط |
|
حتى إذا كان الظلام يختلط |
جاؤوا بمذق هل رأيت الذئب قط |
يقول في لون الذئب واللبن إذا جهد وخلط بالماء ضرب الى الغبرة» (٥).
التّشبيه المردود :
هو التشبيه القاصر عن الغرض (٦) ، فتشبيه
__________________
(١) الايضاح ص ٢٥٠ ، التلخيص ص ٢٧٤ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٤٣٤ ، المطول ص ٣٣٩ ، الأطول ج ٢ ص ١٠٠ ، شرح عقود الجمان ص ٨٨.
(٢) حسن التوسل ص ١٠٧ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٣٩ ، الايضاح ص ٢١٩ ، التلخيص ص ٢٥٠.
(٣) نهاية الايجاز ص ٥٩ ، البرهان ج ٣ ص ٤٢٠ ، حسن التّوسّل ص ١٠٨ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٤٠ ، خزانة الأدب ص ١٨٣.
(٤) الكامل ج ٢ ص ٧٤٧.
(٥) الكامل ج ٣ ص ٨٧٥.
(٦) الإيضاح ص ٢٦٤ ، التلخيص ص ٢٨٨ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٤٦٧ ، المطول ص ٣٤٥ ، الاطول ج ٢ ص ١٠٧.