فأول البيت نسيب وآخره حماسة.
ومن الافتنان بالهجو والمدح قول ربيعة في يزيد بن حاتم يفضله على يزيد بن أسيد وكان في لسانه تمتمة فعرّض بها في هذه الأبيات :
لشتان ما بين اليزيدين في النّدى |
يزيد سليم والأعزّ ابن حاتم |
|
فهمّ الفتى الازديّ إتلاف ماله |
وهمّ الفتى القيسي جمع الدراهم |
|
فلا يحسب التمتام أني هجوته |
ولكنني فضّلت أهل المكارم |
ومن أمثلته قول الشريف الرضي جامعا بين الحماسة والمدح والهجو تعريضا لا تصريحا :
ما مقامي على الهوان وعندي |
مقول صارم وأنف حميّ |
|
وإباء محلّق بن عن الضي |
م كما راغ طائر وحشيّ |
|
أيّ عذر له الى المجد إن ذل |
ل غلام في غمده المشرفيّ |
|
ألبس الذلّ في ديار الأعادي |
وبمصر الخليفة العلويّ |
|
من أبوه أبي ومولاه مولا |
ي إذا ضامني البعيد القصيّ |
|
لفّ عرقي بعرقه سيدا النا |
س جميعا محمد وعليّ |
|
إنّ ذلّي بذلك الجو عزّ |
وأوامي بذلك النّقع ريّ |
|
قد يذل العزيز ما لم يشمر |
لانطلاق وقد يضام الأبيّ |
|
إنّ شرا عليّ اسراع عزمي |
في طلاب العلى وحظي بطيّ |
|
أرتضي بالأذى ولم يقف العز |
م قصورا ولم تعز المطيّ |
|
تاركا أسرتي رجوعا الى حي |
ث غديري قذ ورعيي وبيّ |
|
كالذي يخبط الظلام وقد أق |
مر من خلفه النهار المضيّ |
ومن ذلك قول أبي الفتيان محمد بن حيوس يخاطب نصر بن محمود صاحب حلب مهنيا له بالملك ومعزيا له في أبيه :
صبرنا على حكم الزمان الذي سطا |
على أنّه لولاك لم يكن الصّبر |
|
عرانا ببوسى لا يماثلها الأسى |
تقارن نعمى لا يقابلها شكر |
الإفراط :
يقال : أفرط في الأمر : أسرف وتقدم ، والافراط :
إعجال الشيء في الأمر قبل التثبت ، يقال : أفرط فلان في أمره أي عجّل فيه. وأفرط عليه : حمله فوق ما يطيق ، وكل شيء جاوز قدره فهو مفرط ، والافراط : الزيادة على ما أمرت (١).
وقد قيل للاصمعي : من أشعر الناس؟ قال : من يأتي الى المعنى الخسيس فيجعله بلفظه حسنا ، ويأتي الى المعنى الكبير فيجعله بلفظه خسيسا (٢) ، وذلك عن طريق المبالغة والافراط في الصفة. وذكر الجاحظ الافراط في الصفة وقال : «وإذ قد ذكرنا شيئا من الشعر في صفة الضرب والطعن فقد ينبغي أن نذكر بعض ما يشاكل هذا الباب من إسراف من أسرف واقتصاد من اقتصد. فاما من أفرط فقول مهلهل :
__________________
(١) اللسان (فرط) وينظر المنصف ص ٨١.
(٢) حلية المحاضرة ج ١ ص ١٥٦ ، العمدة ج ٢ ص ٥٧.