لبقي الأول على حاله» (١). وقال : «... أحدهما : لا يأتي في الكلام إلا لفائدة وهو جار مجرى التوكيد.
والآخر : أن يأتي في الكلام لغير فائدة ، فإما أن يكون دخوله فيه كخروجه منه ، وإما أن يؤثر في تأليفه نقصا وفي معناه فسادا» (٢).
وتابعه العلوي في التسمية والتقسيم والأمثلة (٣) ، ولم يعرّفه المظفر العلوي وإنما ذكر أمثلة في باب «الحشو السديد في المعنى المفيد» (٤).
وقسّمه القزويني الى نوعين :
أحدهما : ما يفسد المعنى كقول المتنبي :
ولا فضل فيه للشجاعة والنّدى |
وصبر الفتى لو لا لقاء شعوب |
والثاني : ما لا يفسد المعنى كقول أبي العيال الخفاجي :
ذكرت أخي فعاودني |
صداع السّرأس والوصب (٥) |
وتابعه في ذلك شرّاح التلخيص (٦).
الحصر :
حصره يحصره حصرا : ضيّق عليه وأحاط به ، والحصر الاحاطة والتضييق (٧). والحصر هو القصر ، ومعناه تخصيص شيء بشيء بطريق مخصوص (٨) كتخصيص المبتدأ بالخبر بطريق النفي في قوله تعالى : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ)(٩) ، وتخصيص الخبر بالمبتدأ مثل : «ما شاعر إلا المتنبي».
وللقصر طرفان :
الأوّل : المقصور ، وهو الشيء المخصّص.
الثاني : المقصور عليه ، وهو الشيء المخصّص به.
ففي قوله تعالى : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) خصص الغرور بمتاع الدنيا ، فالحياة الدنيا مقصور عليه ، والغرور مقصور.
ويقع القصر بين المبتدأ والخبر كقوله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ)(١٠).
والفعل والفاعل مثل : «لا ينجح إلا محمد».
والفاعل والمفعول مثل : «ما شاهد محمد إلا الحديقة».
والمفعولين مثل : «ما أعطيت محمدا إلا كتابا» في قصر المفعول الاول على الثاني ، أما قصر المفعول الثاني على الأول فمثل : «ما أعطيت كتابا إلا محمدا».
والحال وصاحبها مثل : «ما جاء راكضا إلا محمد» في قصر الحال على صاحبها ، أما قصر صاحب الحال عليها فمثل : «ما جاء محمد إلا راكضا».
ومثل ذلك متعلقات الفعل فان القصر يجري فيها ما عدا اثنين :
الأول : المصدر المؤكد فلا يقع القصر بينه وبين الفعل ولذلك لا يجوز أن تقول : «ما ضربت إلا ضربا» ، واما قوله تعالى : (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا)(١١) فتقديره ظنا ضعيفا.
__________________
(١) المثل السائر ج ٢ ص ١٨٣ ، الجامع الكبير ص ١١٨ ، كفاية الطالب ص ٢٠٣.
(٢) المثل السائر ج ٢ ص ١٨٤ ، الجامع الكبير ص ١١٨.
(٣) الطراز ج ٢ ص ١٦٧.
(٤) نضرة الاغريض ص ١٨٠.
(٥) الايضاح ص ١٧٨ ، التلخيص ص ٢١١.
الوصب : المرض والوجع الدائم ونحول الجسم ، والتعب.
(٦) شروح التلخيص ج ٣ ص ١٧٨ ، المطول ص ٢٨٥ ، الاطول ج ٢ ص ٣٤ ، وينظر المنصف ص ٧٥ ، كفاية الطالب ص ٢٠٣ ، الروض المريع ص ٨٣ ، ١٦٥.
(٧) اللسان (حصر).
(٨) معترك ج ١ ص ١٨١.
(٩) الحديد ٢٠.
(١٠) آل عمران ١٤٤.
(١١) الجاثية ٣٢.