طوق على قومه :
رفدوك في يوم الكلاب وشقّقوا |
فيه المزاد بجحفل كلّاب |
|
وهم بعين أباغ راشوا للعدى |
سهميك عند الحارث الحرّاب |
|
وليالي الثرثار والحشّاك قد |
جلبوا الجياد لواحق الأقراب |
|
فمضت كهولهم ودبّر أمرهم |
أحداثهم تدبير غير صواب |
|
ورأوا بلاد الله قد لفظتهم |
أكنافها رجعوا الى جوّاب |
|
فأتوا كريم الخيم مثلك صافحا |
عن ذكر أحقاد وذكر ضباب (١) |
فقد أتى أبو تمّام في هذه الأيّام من السيرة النبوية وأيام العرب كيوم الكلاب وأخبار بني جعفر بن كلاب مع ابن عمهم جوّاب.
وفي القرآن الكثير من عنوانات العلوم ، من ذلك قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ)(٢) فانّ فيها عنوان العلم المعروف بالآثار العلوية. ومن ذلك قوله تعالى : (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ. لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ)(٣). فهذا عنوان العلم المنسوب الى اقليدس. لأنّ المثلث الشكل أول أشكاله وهو أصل الأشكال ، وهو شكل إذا نصب في الشمس لا يوجد له ظل لتحديد رؤوس زواياه. وأخذ البلاغيون هذا النوع من المصري كالحلبي والنويري وابن الاثير الحلبي والحموي والسيوطي والمدني (٤). وهذا الفن قريب من التلميح الذي تقدّم ولكنّه أوسع من التلميح وأبعد مدى ، وقد تحدث العلوي عن الإشارة الى القصص والأخبار في فن «التلميح» (٥).
__________________
(١) الخيم : السجية. الضباب : الاحقاد.
(٢) النور ٤٣.
(٣) المرسلات ٣٠ ـ ٣١.
(٤) حسن التوسل ص ٣٠٢ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٦٦ ، جوهر الكنز ص ٢٣٧ ، خزانة الأدب ص ٣٧٣ ، معترك ج ١ ص ٤٠٧ ، معاهد التنصيص ج ٤ ص ١٥٦.
(٥) الطراز ج ٣ ص ١٧٠ ، نفحات ص ١٣٢ ، شرح الكافية ص ٢٤٧.