باطلاق اسمه عليه مفردا له في الذكر فتقول : «رأيت أسدا» كيلا يعدّ جراءته وقوته دون جراءة الأسد وقوته مع نصب قرينة مانعة عن إرادة الهيكل المخصوص به كـ «يرمي» أو «يتكلم» أو «في الحمام» أو أن يكون عندك وجه جميل وأنت تريد أن تلحق وضوحه واشراقه وملاحة استدارته بما للبدر فتدّعيه بدرا باطلاق اسمه عليه مع إفراده في الذكر قائلا : «نظرت الى بدر يبتسم» (١).
الثاني : الاستعارة المصرح بها التخييلية مع القطع ، قال السكاكي : «هي أن تسمي باسم صورة متحققة صورة عندك وهمية محضة تقدرها مشابهة لها مفردا في الذكر ضمن قرينة مانعة عن حمل الاسم على ما يسبق منه الى الفهم من كون مسماه شيئا متحققا ، وذلك مثل أن تشبه المنية بالسبع في اغتيال النفوس وانتزاع أرواحها بالقهر والغلبة من غير تفرقة بين نفّاع وضرّار ولا رقو لمرحوم ومساس بقيا على ذي فضيلة تشبيها بليغا حتى كأنها سبع من السباع فيأخذ الوهم في تصويرها في صورة السّبع واختراع ما يلازم صورته ويتمّ بها شكله من ضروب هيئات وفنون وجوارح وأعضاء ، وعلى الخصوص ما يكون قوام اغتيال السبع للنفوس بها وتمام افتراسه للفرائس بها من الأنياب والمخاطب ، ثم تطلق على مخترعات الوهم عندك أسامي المتحققة على سبيل الافراد بالذكر وأن تضيفها الى المنية قائلا : «مخالب المنية» أو «أنياب المنية» الشبيهة بالسبع لتكون اضافتها اليها قرينة مانعة من إجرائها على ما يسبق الى الفهم منها من تحقق مسمياتها» (٢).
الاستعارة الكثيفة :
قال المصري : «والاستعارة منها كثيف وهو استعارة الاسماء للاسماء» (٣) كقوله عليه الصلاة والسّلام ـ : «ضمّوا مواشيكم حتى تذهب فحمة العشاء» فاستعار ـ صلىاللهعليهوسلم ـ للعشاء الفحمة لقصد حسن البيان ؛ لأنّ الفحمة ههنا أظهر للحسن من الظلمة ، فإنّ الظلمة تدرك بحاسة البصر فقط والفحمة تدرك بحاستي البصر واللمس لأنّها جسم والظلمة عرض ، فكان ذكر الفحمة أحسن بيانا من ذكر الظلمة.
وقال المصري أيضا : «استعارة المحسوس للمحسوس بسبب المشاركة في وصف محسوس وهي الاستعارة الكثيفة (٤).
الاستعارة اللّطيفة :
قال المصري : «واللطيف وهو استعارة الأفعال للأسماء» (٥) كقوله تعالى : (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ)(٦) ، وكقول أبي تمام :
من كلّ ممكورة ذاب النعيم لها |
ذوب الغمام فمنهلّ ومنسكب (٧) |
الاستعارة المجرّدة :
هي الاستعارة التجريدية وقد تقدمت.
استعارة المحسوس للمحسوس بوجه حسّيّ :
سمّاها المصري «الاستعارة الكثيفة» (٨) ، وذلك بأن يشترك المحسوسان في الذات ويختلفا في الصفات كاستعارة الطيران لغير ذي جناح في السرعة فان الطيران والعدو يشتركان في الحقيقة وهي الحركة
الكائنة إلا أنّ الطيران أسرع.
أو بأن يختلفا في الذات ويشتركا في صفة
__________________
(١) مفتاح ص ١٧٧.
(٢) مفتاح العلوم ص ١٧٨.
(٣) تحرير التحبير ص ١٠١.
(٤) بديع القرآن ص ٢١.
(٥) تحرير ص ١٠١.
(٦) الدخان ٢٩.
(٧) الممكورة ؛ المدمجة الخلق.
(٨) بديع القرآن ص ٢١.