بيت واحد» (١) كقول أبي تمام :
ما ربع ميّة معمورا يطيف به |
غيلان أبهى ربى من ربعها الخرب |
|
ولا الخدود وإن أدمين من خجل |
أشهى الى ناظري من خدّها الترب |
والنفي والجحود بهذا المعنى تكلم عليه ابن منقذ في باب «النفي» وقد تقدم.
النقل :
النقل تحويل الشيء من موضع الى موضع ، نقله ينقله نقلا فانتقل (٢). تحدث الحاتمي عن نقل المعنى الى غيره وقال : «هذا باب ينقل فيه المعنى عن وجهه الذي وجّه له ، واللفظ عن طريقه الذي سلك به فيها الى غيره. وذلك صنعة راضة الكلام وصاغة المعاني وحذّاق السراق إخفاء للسرق والاحتذاء وتورية عن الاتباع والاقتفاء ... وأكثر ما يطوع النقل في المعاني خاصة للمحدثين لأنّهم فتحوا من نوادر الكلام ما كان هامدا وأيقظوا من عيونه ما كان راقدا وأجروا من معينه ما كان راكدا وأضحكوا من مباسمه ما كان قاطبا وحلوا من أجياده ما كان عاطلا» (٣).
ومن ذلك قول امرىء القيس في صفة الثقة بالفرس :
إذا ما ركبنا قال ولدان أهلنا |
تعالوا الى أن يأتي الصّيد نخطب |
نقل ابن مقبل هذا المعنى الى صفة القدح فقال :
إذا استخبرته من معّد عصابة |
غدا ربّه قبل المفيضين يقدح |
وقال ابن منقذ : «هو أن ينقل الشاعر معنى الى معنى غيره ، وهو كما قال أبو العلاء في تفسير شعر المتنبي :
ولخطّه في كلّ قلب شهوة |
حتى كأنّ مداده الأهواء |
هذا يسميه أهل النقد «النقل» لأنّه ثقله من قول البحتري في الخمر :
أفرغت في الزجاج من كل قلب |
فهي محبوبة الى كلّ نفس |
ومنه قول البحتري أيضا :
ولو انّ مشتاقا تكلّف غير ما |
في وسعه لمشى إليك المنبر |
منقول من قول الآخر :
ولهنّ بالبيت العتيق لبانة |
والبيت يعرفهنّ لو يتكلّم |
|
لو كان حيّا قبلكن ظعائنا |
حيّا الحطيم وجوههنّ وزمزم |
لكنّه نقله من النسب الى المدح (٤).
وأدخله القزويني في الأخذ الخفي وقال : «ومنه النقل وهو أن ينقل معنى الأول الى غير محله» (٥).
نقل الجزل الى الجزل :
هو أن ينقل الشاعر أو الناثر المعنى الجزل الى جزل مثله ، كقول أبي نواس :
بحّ صوت المال مما |
منك يدعو ويصيح |
|
ما لهذا آخذ |
فوق يديه أم نصيح |
أخذه مسلم بن الوليد فنقله الى بناء أحسن منه فقال :تظلّم المال والأعداء من يده
__________________
(١) تحرير التحبير ص ٣٧٣.
(٢) اللسان (نقل).
(٣) حلية المحاضرة ج ٢ ص ٨٢.
(٤) البديع في نقد الشعر ص ٢٠٥.
(٥) الايضاح ص ٤١٣ ، التلخيص ص ٤١٨ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٤٩٩ ، المطول ص ٤٦٨ ، الاطول ج ٢ ص ٢٤٧ ، وينظر الروض المريع ص ١٦٣.