وتبعه في ذلك ابن مالك والحلبي والنّويري (١) ، والقزويني الذي قال : «هو ذكر متعدد على جهة التفصيل أو الاجمال ثم ذكر ما لكل واحد من غير تعيين ثقة بأنّ السامع يردّه اليه» (٢) ، ثم قال :فالأول ضربان ، لأنّ النشر إما على ترتيب اللف كقوله تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ)(٣) ، وقول ابن حيوس :
فعل المدام ولونها ومذاقها |
في مقلتيه ووجنتيه وريقه |
وقول ابن الرومي :
آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم |
في الحادثات إذا دجون نجوم |
|
فيها معالم للهدى ومصابح |
تجلو الدّجى والأخريات رجوم |
وإما على غير ترتيبه كقول ابن حيوس :
كيف أسلو وأنت حقف وغصن |
وغزال لحظا وقدّا وردفا |
وقول الفرزدق :
لقد خنت قوما لولجأت اليهم |
طريد دم أو حاملا ثقل مغرم |
|
لألفيت فيهم معطيا أو مطاعنا |
وراءك شزرا بالوشيج المقوّم (٤) |
والثاني : كقوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى)(٥) فان الضمير في (قالُوا) لأهل الكتاب من اليهود والنصارى ، والمعنى وقالت اليهود : لن يدخل الجنة إلا من كان هودا ، والنصارى :لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى ، فلفّ بين القولين ثقة بأنّ السامع يردّ الى كل فريق قوله وأمنا من الالتباس ، لما علم من التعادي بين الفريقين وتضليل كل واحد منهما لصاحبه.
وسار شرّاح التلخيص على هدي القزويني (٦) ، ولم يخرج الآخرون على ما ذكره أو ما أشار اليه المتقدّمون (٧).
__________________
(١) المصباح ص ١١٢ ، حسن التوسل ص ٢٤٥ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٢٩.
(٢) الايضاح ص ٣٥٥ ، التلخيص ص ٣٦١.
(٣) القصص ٧٣.
(٤) الدم : الثار على سبيل المجاز. المغرم ؛ ما يلزم أداؤه من المال. الموشج : شجر الرماح المقوم :
المثقف المعدل.
(٥) البقرة ١١١.
(٦) شروح التلخيص ج ٤ ص ٣٢٩ ، المطول ص ٤٢٦ ، الاطول ج ٢ ص ١٩٦.
(٧) التبيان ص ١٧٧ ، البرهان الكاشف ص ٣١٣ ، الطراز ج ٢ ص ٤٠٤ ، خزانة الادب ص ٦٦ ، معترك ج ١ ص ٤٠٨ ، الاتقان ج ٢ ص ٩٣ ، شرح عقود الجمان ص ١١٨ ، أنوار الربيع ج ١ ص ٣٤١.