هؤلاء وأمثالهم ما كانوا من ذوي السابقة في الدين والجهاد في الإسلام ، وإنّما كانوا متّهمين في دينهم ، بل كان فيهم مثل الوليد بن عقبة الذي أعلن القرآن فسقه كما يحدّثنا المفسّرون في ذيل الآية
__________________
الليثي ، عن أبيه ، قال : أتيت مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والناس يقولون : نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله! فقلت : ما هذا؟! قالوا : معاوية قام الساعة ، فأخذ بيد أبي سفيان ، فخرجا من المسجد ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم «لعن الله التابع والمتبوع : ربّ يوم لامّتي من معاوية ذي الاستاه ـ يعني الكبير العجز ـ».
وقال : روى العلاء بن حريز القشيري ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لمعاوية «لتتّخذنّ يا معاوية البدعة سنّة ، والقبح حسنا ، أكلك كثير ، وظلمك عظيم».
وفي صفحتي ٨٠ و ٨١ نقل ابن أبي الحديد عن شيخه ، قال :
قال شيخنا أبو القاسم البلخي : من المعلوم الذي لا ريب فيه ـ لاشتهار الخبر به ، وإطباق الناس عليه ـ أنّ الوليد بن عقبة بن أبي معيط كان يبغض عليّا ويشتمه ، وأنّه هو الذي لاحاه في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ونابذه ، وقال له : أنا أثبت منك جنانا ، وأحدّ سنانا ، فقال له عليّ عليهالسلام : اسكت يا فاسق ، فأنزل الله تعالى فيهما : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) السجدة / ١٨.
وسمّي الوليد ـ بحسب ذلك ـ في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالفاسق ؛ فكان لا يعرف إلا بالوليد الفاسق.
قال : وسمّاه الله تعالى فاسقا في آية اخرى وهو قوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ...) سورة الحجرات : ٦ ، وسبب نزولها مشهور.
قال : وكان الوليد مذموما معيبا عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يشنؤه ويعرض عنه ، وكان ببغض رسول الله ويشنؤه أيضا ، وأبوه عقبة بن أبي معيط هو العدوّ الأزرق بمكّة ، والذي كان يؤذى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في نفسه وأهله ، فلمّا ظفر صلىاللهعليهوآلهوسلم به يوم بدر ضرب عنقه ، وورث ابنه الوليد الشنآن والبغضة لمحمّد وأهله ؛ فلم يزل عليهما إلى أن مات.
«المترجم»